حققت أشغال إعادة البناء وتأهيل المناطق المتضررة بإقليم الحوز تقدمًا ملموسًا بفضل تضافر جهود السلطات الإقليمية والشركاء الحكوميين، حيث اعتمدت مقاربة ديناميكية تقوم على المتابعة الدقيقة والتنسيق المحكم، مما ساهم في تسريع وتيرة إعادة الإعمار واستعادة الحياة الطبيعية في المناطق المتضررة.
منذ الساعات الأولى للكارثة، باشرت السلطات عملية إزالة الأنقاض، وهي مهمة معقدة بسبب الطبيعة الجغرافية الصعبة للإقليم وتوزع الدواوير على مناطق وعرة، إلا أن الجهود الميدانية مكنت من فتح عدة طرق رئيسية وقروية، مما عزز إمكانية الوصول إلى المناطق المتضررة وسهّل عمليات الإغاثة وإعادة البناء. وقد تم هدم أزيد من 23,360 منزلًا متضررًا، وإزالة الركام بنسبة تفوق 99%، أي ما يعادل أكثر من 1,860,000 متر مربع من المساحة وأكثر من 4,600,000 متر مكعب من الأنقاض، ما شكل خطوة أساسية في تهيئة الأرضية لإعادة الإعمار.
وفي إطار الحرص على ضمان الشفافية والعدالة في تقديم الدعم، تم إجراء إحصاء دقيق للأسر المتضررة من طرف لجان مختلطة ضمت ممثلين عن السلطات المحلية والوكالة الحضرية والجماعات الترابية والدرك الملكي والوقاية المدنية إلى جانب المهندسين المعماريين ومكاتب الدراسات، حيث تولت هذه اللجان دراسة كل حالة على حدة لتحديد مدى الأحقية في الاستفادة من الدعم المالي. وقد استفادت 27,250 أسرة من دعم شهري بقيمة 2,500 درهم لمساعدتها على الإيواء والكراء، في حين حصلت 26,228 أسرة على مساعدات مالية تراوحت بين 80,000 و140,000 درهم حسب مستوى الضرر، وذلك بهدف تمكينها من إعادة بناء منازلها، وتُدفع هذه المساعدات على شكل أقساط بناءً على نسبة تقدم الأشغال.
وبفضل هذا الدعم، قطعت أشغال إعادة البناء أشواطًا متقدمة، حيث انتهت الأشغال في أكثر من 10,800 مسكن، ومن المتوقع أن تصل الحصيلة إلى 12,000 مسكن مع نهاية شهر يناير، رغم أن عملية إعادة البناء لم تستوفِ بعد سنتها الأولى منذ انطلاقتها الفعلية في أبريل 2024، في حين أن المعدل العالمي لإعادة البناء بعد الزلازل يتراوح بين 3 إلى 5 سنوات. ويستمر العمل في أكثر من 9,702 منزل، بينما بلغت الأشغال مراحلها الأخيرة فيما يقارب 2,729 منزلًا. أما بالنسبة للمنازل الواقعة في المناطق الوعرة، فقد تم إيجاد حلول تقنية لمساعدة حوالي 2,774 مسكنًا إما عبر تهيئة الأرضية لتسهيل البناء أو نقلها إلى مواقع أكثر أمانًا.
ورغم التقدم الملحوظ، لم تكن عملية إعادة الإعمار خالية من التحديات، فقد فرضت بعض المناطق المصنفة عالية المخاطر قيودًا صارمة على البناء، ما استدعى حلولًا هندسية خاصة. كما شكلت وعورة التضاريس وصعوبة نقل مواد البناء وارتفاع تكلفتها عوائق ميدانية إضافية، ناهيك عن قلة اليد العاملة، حيث إن بناء أكثر من 26,228 مسكنًا يتطلب توفير أكثر من 104,000 عامل، وهو رقم يفوق الإمكانيات المحلية نظرًا للطابع الفلاحي للإقليم وتزامن مشاريع إعادة البناء مع أوراش تنموية كبرى تشهدها المنطقة.
وبالتوازي مع جهود الإعمار، شهد إقليم الحوز إطلاق مشاريع تنموية لتعزيز الخدمات الأساسية وتحسين ظروف العيش، حيث تم إعطاء الانطلاقة لأشغال إعادة تهيئة الطريق الوطنية رقم 7 بين ويركان وثلاث نيعقوب على مسافة 34 كيلومترًا بمدة إنجاز تبلغ 18 شهرًا، إلى جانب تسريع الدراسات المتعلقة بالمقاطع الطرقية الرابطة بين ثلاث نيعقوب وتيزي نتاست، وبين إغيل والطريق الوطنية رقم 7. كما شملت المشاريع إعادة تأهيل مجموعة من المؤسسات التعليمية والمراكز الصحية والمساجد، وتحسين شبكات الماء الصالح للشرب والتطهير السائل، باستثمارات تفوق 2 مليار درهم، إضافة إلى إنشاء 5 وحدات طبية متنقلة في كل من أمزميز، آسني، ثلاث نيعقوب، زرقطن، وأبادو، ما ساهم في تحسين الخدمات الصحية وتقريبها من السكان.
وفي إطار تعزيز التواصل مع المواطنين وضمان متابعة دقيقة لسير عملية إعادة الإعمار، أحدثت عمالة إقليم الحوز خلية خاصة لاستقبال الشكايات ومعالجتها، حيث تم اعتماد آلية تواصلية تتيح للمواطنين تقديم ملاحظاتهم وتتبع طلباتهم، مع إحالة جميع الشكايات إلى لجنة القيادة التي تضم مختلف المصالح المختصة لضمان سرعة وفعالية الاستجابة.
وللإشارة،لقد شكلت الجهود المبذولة نموذجًا لسرعة الاستجابة والتعبئة الشاملة، حيث تمكنت المناطق المتضررة من استعادة عافيتها بفضل العناية الملكية السامية والعمل الدؤوب الذي تقوم به السلطات الإقليمية وفق مقاربة تقوم على التعبئة والجدية والسرعة في التنفيذ، بما يضمن للساكنة إمكانية العيش في ظروف لائقة ومستجيبة لمتطلبات الكرامة الإنسانية.
كما تبقى السلطات الإقليمية حريصة على ضمان النزاهة والشفافية في جميع مراحل تنفيذ البرنامج، مع اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي تجاوزات قد تضر بحقوق المواطنين أو تعرقل المسار الإيجابي الذي تم تحقيقه في إعادة إعمار وتأهيل المناطق المتضررة.