الثلاثاء, أبريل 1, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيإسلام مغربي.. ما حرية الأديان؟ ومن أين جاءت؟ (الحلقة 29)

إسلام مغربي.. ما حرية الأديان؟ ومن أين جاءت؟ (الحلقة 29)


لقد أكثر الناس الكلام في حرية العقائد والأديان، فلم يوفق الكثير منهم على إصابة الهدف، بل جلهم ضلوا وأضلوا، واشتطوا في النجعة وأبعدوا، وذلك حينما فهموا أن الحري الأديان معناها الفوضى وأن كل واحد يمكن أن يكون له دين وعقيدة تختلف، بل تصادم عقيدة شعبه وقبيلته وعائلته، ولو كانت تلك العقيدة ضربا في الهوس، نوعا من الجنون، أو إحداث بلبلة في الرأي العام وتهجّم على عقائد الأمة وتحطيم لدينا وعقيدتها.

تقديم عبد الرزاق المراكشي: le12.ma

عُرف المغرب، منذ عهود، بإسلامه المعتدل، الذي يمتح من ينابيع قيَم التسامح والتكافل والتعاون التي طبعت الإنسان المغربي الأصيل، قائما على ركائزَ متينة تقوم على السجيّة المغربية، التي يسير وفقها كلّ أمر في الحياة بـ”النية“…

اختارت لكم “le12.ma” وقفات مع ثلّة من الأقلام المغربية التي أغنت ريبرتوار الكتابات التي تناولت موضوع الإسلام المعتدل الذي انتهجته المملكة منذ القدم، والذي أثبت توالي الأيام وما تشهده الساحة السياسية الدولية أنّ هذا الإسلام “على الطريقة المغربية” لم يكن بالضّرورة قائما على “الصّدفة (النيّة) بل تحكمه أعراف وقوانين وتشريعات واضحة المرجعيات والخلفيات وواعية تمامَ الوعي بأنّ الإسلام دين عسر “يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” وبأن “الإسلام دينُ يُسر وليس دين عُسر” وأنْ “ما شادّ أحدَكم الدين إلا وغلبه“..

ونشير إلى أن هذه المقالات منشورة في الموقع الإلكتروني لمجلة “دعوة الحق.

لقد أكثر الناس الكلام في حرية العقائد والأديان، فلم يوفق الكثير منهم على إصابة الهدف، بل جلهم ضلوا وأضلوا، واشتطوا في النجعة وأبعدوا، وذلك حينما فهموا أن الحري الأديان معناها الفوضى وأن كل واحد يمكن أن يكون له دين وعقيدة تختلف، بل تصادم عقيدة شعبه وقبيلته وعائلته، ولو كانت تلك العقيدة ضربا في الهوس، نوعا من الجنون، أو إحداث بلبلة في الرأي العام وتهجّم على عقائد الأمة وتحطيم لدينا وعقيدتها.

وإذا زجر أو أدب من يقومون بذلك الفساد العريض أو حكم عليهم بنص القانون الحق، ثارت الثائرة وكثر الضجيج، وأعول المعولون، ورأينا الذين لا يؤمنون بالله والنبيين ولا بيوم الحساب يتمسكون بكل جدل ويبحثون عن كل شبهة لمقاومة الحق وتغطية الشمس بالشبكة، فنراهم يلوذون بحقوق الإنسان وبقانون منظمة الأمم، ويهددون تارة بأن المغرب قد خالف روح العصر وخرج في ما ذهب إليه من عقاب المرتدين عن عرف العالم المتمدن ورجع بأحكامه القهقرى، إلى غير ذلك من التضليل والتهريج الذي لا يجدي فتيلا ولا يغني من الحق شيئا.

ونريد أن نعلن لهؤلاء بكل صراحة أننا معشر المغاربة -شعبا وحكومة- آمنا بالله ورسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وآمنا بالقرآن والسنة المحمدية، وإنهما الدستور الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولسنا نرضى لأنفسنا قانونا أو نظاما غيرهما، وإيماننا بذلك أقوى من الصلب والفولاذ وأثقل من أن تهزه أراجيف المبطلين وأضاليل المضلين والمشعوذين.

ونحن حينما نومن بقرآننا وسنّة نبينا وبجميع ما في الإسلام من نظم وتعاليمَ قيّمة، نظنّ أننا فوق القوانين الوضعية الحالية وفوق المدنيات العصرية الحديثة الناقصة، كما نؤمن بأنفسنا وأننا كنا متمدنين ولا نزال متمدنين، بل إن المدنية منا بدأت وإلينا تعود، ونحن معلموها الناس، ويجب أن نكون فيها متبوعين لا تابعين، كما يجب أن ندعو العالم إلى ما عندنا لأنه في حاجة إليه، ولأن ما عندنا أفضل من مدنيته وأنفع. فإذا كانت مدنيات الأمم التي تتقدم بها إلى أسواق العالم عقيقا براقا يجتذب الأنظار، فإن مدنيتنا الإسلامية أمام ذلك العقيق لؤلؤ ومرجان وجواهرُ نفيسة، لأننا بنيناها على تعاليم سماوية وبنوها على تجارب أرضية. ويتبين ذلك في كل نظم الحياة ونظرياتها، ومنها حرية الأديان، التي رفعنا بها الصوت قبل أن يكون للغرب الأوروبي وجود في الأرض.. وحينما كان يتخبط في ظلمات قرونه الوسطى كنا نعلن للناس حرية الأديان وحرية التفكير وحرية العمل، وكفانا بالقرآن دليلا، إذ يقول “لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيّ”، وقال تعالى مخاطبا نبيه “أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”، أي ليس لك أن تكرههم على الإيمان. وقال تعالى “لست عليهم بمسيطر”. وقال تعالى “وما أنت عليهم بجبار”.. وخالف يهود المدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وكذبوه وعاندوه علنا فلم يحاربهم، بل أقرهم على دينهم وعادتهم، وأكثر من ذلك حسن معاملته للمنافقين الذين كانوا يحاربون رسالته في الخفاء ويضمرون له العداوة ويتربصون به وبالمسلمين الدوائر، وهو يعلم منهم ذلك حقّ العلم وقادر على عقابهم، ولكنه أهملهم ومنحهم الحرية الكاملة، ولما كان بعض الصحابة يستأذنه في قتل بعضهم ممن كان يظهر عليهم النفاق والكفر، كان عليه السلام يمنع قتلهم.

وذكر أحمد أمين في كتابه “ضحى الإسلام”: “يقول الأستاذ متز إن مما يميز المملكة الإسلامية عن أوروبا النصرانية في القرون الوسطى أن الأولى يسكنها عدد كبير من معتنقي الأديان الأخرى غير الإسلام، وليست كذلك الثانية، وأن الكنائس والبيَع ظلت في المملكة الإسلامية كأنها خارجة عن سلطان الحكومة، وكأنها لا تكون جزاء من المملكة، معتمدة في ذلك على العهود وما أكتسبهم من حقوق، وقضت الضرورة أن يعيش اليهود والنصارى بجانب المسلمين، فساعد ذلك في خلق جو من التسامح لا تعرفه أوروبا في القرون الوسطى. كان اليهودي والنصراني أو النصراني حرا أن يدين بدينه، ولكنه إن أسلم ثم ارتدّ عوقب بالقتل. وفي المملكة البيزنطية كان عقاب من أسلم القتل“.

هذا قليل من كثير من أدلة حرية الأديان وتاريخها، وإننا نحن الذين وضعنا أسسها وأثبتنا قواعدها، وجميع الناس عالة علينا، إلا أن الحرية الدينية الحقّة ليست كما فهمه كثير من جهَلة العصر الذين ظنوا أن حرية الأديان معناها الفوضى في الدين والزندقة والإلحاد والتلاعب بالعقائد والمقدسات، وكل ناعق نعق يجب أن نحترمه ونهتمّ لهرائه، أو أن نسمح للحمقى والسفهاء بأن يتخذوا الدين هزؤا ولعبا، فيدخلون فيه ويخرجون ويبدلون ويغيرون حسب ما تمليه عليهم أهواؤهم الضالة وتفسّخهم الخلقي، حاشا وكلا، لم يكن ذلك من حرية الأديان يوما من الأيام ولا كان ذلك مفهوم هذه الحرية عند من له إثارة من علم أو بصيرة دينية، وإنما حرية الأديان التي بناها الإسلام وأقرّها وجعلها من سياساته الراسية هي: احترام أصحاب الأديان الأخرى غير الإسلام بأن تعطاهم حقوقهم كاملة، سواء أكانوا مواطنين أو زوارا أو لاجئين أو كيفما كانوا. ومن حقوقهم ألا يُضطهَدوا لكونهم غير مسلمين، وألا يكرهوا على الدخول في الإسلام، وأن يعاملوا معاملة تتفق وكرامة البشرية، وأن يمارسوا عقائدهم ودياناتهم بكل حرية، دون أن يتدخل أحد في دينهم كما كان ولا يزال واقعا لمجاورتنا من النصارى واليهود والهنود وغيرهم من أهل النحل الذين يقيمون في بلادنا، فهم يمارسون عقائدهم وشعائرهم كأنهم في أوطانهم الأصلية، وهذه هي حرية الأديان التي جرى عليها المسلمون، وأقرها الإسلام منذ القدم.

أما أن يكون الدين الإسلامي وشرائعه عرضه لهدم الهدامين وسخرية للساخرين والسفهاء من المنافقين والإباحيين، فلا، ثم لا، ثم لا.. ولأن ذلك لا يمتّ لحرية الأديان بأية صلة وحرية الأديان براء منه، لأنه إنما يمثل الفساد والفوضى والتلاعب بمقدسات الأمة وشعائرها وطعنا للفضيلة في صميم فؤادها ونشرا للرذيلة وتحطيما للأخلاق. ولهذا اقتضت الحكمة صيانة العقائد والنظم الإلهية من تلك الفوضى وعبث المفسدين وعبيد الأهواء والشهوات، فاتخذ عقوبات صارمة لمن يتجرأ على الله ويحاول نشر الفساد بين خلقه ونقض عهده وخيانة وعده وميثاقه بعد أن أعطاه طبعا مختارا، فجعل جزاء المرتدّ القتل، كما في حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله (ص) من بدّل دينه فاقتلوه -رواه الجماعة إلا مسلم، وهذا هو الذي يمكن أن يضع حدا للعبث بالدين، وتلاعب أصحاب الأهواء والشهوات، “ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تملوا ميلا عظيما“.

دين العجائز

تجــاوزت حـد الأكثريــن إلى العلــى

وسافــرت واستبقيتهــم فـي المراكـــز

وخضــت بحـارا ليس بــدرك قعرهــا

وألقــيت نفســي فـي فسيــح المفــاوز

ولججـت في الأفكــار ثم تراجـــع اخــ

تيــاري، إلى استحسـان ديــن العجائــز



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات