في خطوة جديدة تعكس عمق التعاون المغربي الإسباني، أعلنت حكومة بيدرو سانشيز تخصيص 850 ألف يورو لتمويل شراء 10 سيارات إسعاف لصالح السلطات المغربية، ضمن مشروع يهدف إلى تعزيز إدارة الحدود البحرية ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
هذه المبادرة، التي تنفذها مؤسسة “FIIAPP” بتمويل من الاتحاد الأوروبي، تمثل جزءًا من برنامج أكبر يُعرف بـ”دعم إدارة الحدود والهجرة المتكاملة”، وتبلغ ميزانيته الإجمالية 44 مليون يورو.
ووفقًا لصحيفة “Okdiario” الإسبانية، بدأت “FIIAPP” طرح مناقصة لتوريد سيارات الإسعاف، التي ستُستخدم في عمليات الإنقاذ البحري وحماية المهاجرين المعرضين للخطر.
ومن المتوقع، حسب ذات الصحيفة؛ أن يتم تنفيذ المشروع خلال سبعة أشهر، مع فتح باب تقديم العروض حتى 21 فبراير المقبل.
ويهدف البرنامج إلى تحقيق هدفين أساسيين: تعزيز قدرات المغرب في إدارة حدوده البحرية وضمان الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان أثناء عمليات الإنقاذ.
البرنامج، وفقا لذات التقرير، لا يقتصر على شراء سيارات الإسعاف فحسب، بل يتضمن توفير معدات مراقبة حدودية، مثل سيارات الدفع الرباعي والدراجات النارية.
هذا الدعم الفني والمادي يأتي في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى مكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وهما تحديان رئيسيان تواجههما دول البحر الأبيض المتوسط.
إلى جانب الدعم اللوجستي، سبق أن أعلنت إسبانيا عن توريد أنظمة مراقبة بالفيديو للمغرب، بميزانية قدرها 4.12 مليون يورو، لتعزيز الأمن على ضفتي مضيق جبل طارق.
كما وافقت حكومة سانشيز في وقت سابق على منحة بقيمة 2.5 مليون يورو لشراء سيارات ومعدات أخرى، تسلم المغرب جزءًا منها بالفعل.
وتشمل هذه المعدات دراجات نارية رباعية الدفع وعربات متعددة الاستخدام، تم توزيعها على دفعتين خلال شهري ديسمبر من عام 2024.
هذه الجهود المشتركة تعكس الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا في مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
ويعتبر المغرب شريكًا محوريًا لإسبانيا والاتحاد الأوروبي في هذا السياق، حيث تلعب المملكة دورًا بارزًا في مراقبة الحدود ومنع تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر البحر الأبيض المتوسط.
ويتجلى هذا الدور في التعاون الاستخباراتي، التنسيق الأمني، والعمليات المشتركة لتفكيك شبكات الاتجار بالبشر التي تستغل الفئات الأكثر ضعفًا.
الاستراتيجية الوطنية المغربية للهجرة واللجوء، التي اعتمدتها المملكة، تقوم على مقاربة إنسانية تهدف إلى تعزيز حماية المهاجرين، مع التركيز على مكافحة الهجرة غير النظامية بشكل يتماشى مع القوانين الدولية.
وتأتي هذه المنح والبرامج الداعمة في سياق دعم جهود المغرب الرامية إلى تعزيز إدارة الحدود والرفع من كفاءة السلطات الأمنية في مواجهة التحديات المتزايدة.
المبادرات الأوروبية، بما فيها الدعم الإسباني، تأتي كاعتراف بالدور المحوري للمغرب كشريك استراتيجي في المنطقة.
كما أنها تعكس التزام الاتحاد الأوروبي بتقديم المساعدة المالية والتقنية للدول الشريكة لضمان إدارة فعالة للحدود وتعزيز الأمن الإقليمي.
في المقابل، يستمر المغرب في إظهار التزامه بمكافحة شبكات التهريب والاتجار بالبشر، مع الحرص على تقديم العون الإنساني للمهاجرين، بما يعكس قيم التسامح والانفتاح التي تميز المملكة.
وتظل الهجرة غير الشرعية تحديًا كبيرًا على المستوى الإقليمي والدولي، لكن الشراكات الاستراتيجية مثل تلك القائمة بين المغرب وإسبانيا تُبرز أهمية التعاون متعدد الأطراف لمواجهة هذه القضية بشكل فعال ومستدام.