الثلاثاء, يناير 7, 2025
Google search engine
الرئيسيةالرئيسيةإحصاء الناطقين بالأمازيغية الكارثي ردا على مقالة الصحفي عصام الناصيري المنشورة في...

إحصاء الناطقين بالأمازيغية الكارثي ردا على مقالة الصحفي عصام الناصيري المنشورة في جريدة الصباح الورقية


إحصاء الناطقين بالأمازيغية الكارثي ردا على مقالة الصحفي عصام الناصيري المنشورة في جريدة الصباح الورقية



ذ. محند الركيك
أستاذ التعليم العالي، جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس

0- عود على بدء :
الأمازيغية من المهدي بن بركة إلى المندوب السامي السابق للمندوبية السامية للإحصاء.
سأل صحفي فرنسي من الجريدة الفرنسية Le nouvel observateur المعروفة سنة 1958 المهدي بن بركة احد مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي انشق عن حزب الاستقلال السؤال الآتي:
Comment peut-on définir l’Homme berbère ?
جواب المهدي بن بركة:
« L’Homme berbère est tout simplement un homme qui vit dans la montagne, c’est un analphabète, qui n’est jamais allé à l’école … »
حصر تعريف المهدي بن بركة للإنسان الأمازيغي في كونه ذلك البدوي الجبلي الأمي الذي لم يلج قط المدرسة. لا يحتاج إلى بدل مجهود فكري لفهم الخلفية الإيديولوجية السخيفة لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، و التي استمرت حتى مع الاتحاد الاشتراكي، الذي ينتمي إليه المندوب السامي السابق للمندوبية السامية للإحصاء.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل المندوب السامي السابق يعيد إنتاج تعريف شيخه المهدي بن بركة، من خلال وضعه استمارتين: الأولى قصيرة خالية من أسئلة عن اللغة، موجهة- أساسا -إلى ساكنة المدن. فيما الثانية موجهة إلى ساكنة القرى والبوادي؟ بعبارة أخرى، هل كل من سكن المدينة يعتبر، في نظر الحليمي وفريقه ، ناطقا بالعامية المغربية ، وبالتالي ،لا يمكن إحصاؤه ضمن الناطقين بالأمازيغية؟؟؟هل طبق المندوب السامي السابق قاعدة سلفه المهدي بن بركة؟
يان- مغالطة صاحب المقالة “طاحت” الأمازيغية “علقوا “المندوبية.
معركة دونكيشوتية بين ناكري الإحصاء والمدافعين عنه.
ما كنت لأردّ على مقالة الصحفي عصام الناصيري المعنونة ب “طاحت” الأمازيغية “علقوا” المندوبية”، التي نشرها في جريدة الصباح الورقية، لو لم يمرّر مغالطة مفادها أن إحصاء الأمازيغ، الذي حصر الأمازيغ في 25 في المائة، صحيح وصادق إلى حد كبير .وما يؤكد اعتقاد هذا الصحفي بمصداقية إحصاء الأمازيغ هو إنهاء مقالته بسؤال استنكاري موجه إلى المشككين في هذا الإحصاء الكارثي، ومنهم، أنا العبد الضعيف ،تنبأت سلفا بمآل هذا الإحصاء المشؤوم منذ اطلاعنا على المعايير غير الموضوعية المستهدفة للأمازيغية .وقد أعلنت النفير العام ونبهت إلى خطورة ما يطبخ ضد الامازيغية، ونشرت مقالين في الموضوع قبل البدء فيه، لكون الاستمارة المعتمدة أقصت كل المغاربة الأمازيغ الناطقين بالأمازيغية القاطنين بالمدن المغربية.كل المؤشرات تؤكد عزم الحليمي وفريقه على تقليص عدد الناطقين بالأمازيغية ،بدءا بإقصاء تيفيناغ من يافطات ولافتات ندوات المندوبية السامية وصولا إلى الاستمارة/المهزلة التي أقصت الأمازيغية. و أتحدث هنا عن الاستمارة القصيرة التي وجهت أساسا إلى ساكنة المدن. وهذا ما لم يشر إليه صاحب المقالة المستفزة “طاحت الأمازيغية،علقوا المندوبية”. وكأن حال لسان هذا الصحفي ،الذي نصب نفسه محاميا للمندوب السامي،يريد أن يقول لنا :
“لقد سقطت الأمازيغية، ولا داعي للتطاول على المندوب السامي أيها المشككون وتكذيب مصداقية هذا الإحصاء النزيه”.
والغريب في الأمر أن هذا الصحفي المنحاز إلى المندوب السامي لم يتجشم عناء الحديث عن الاستمارتين التي احتج عليهما مناضلو الحركة الأمازيغية ورفضوها جملة وتفصيلا شهرا قبل البدء في عملية الإحصاء الذي تنبأنا،سلفا، بنتائجه الكارثية. لقد تحاشى الصحفي عصام، بشكل مقصود، إثارة المعايير الإقصائية للأمازيغية المعتمدة في الإحصاء. معايير وضعت بعناية من أجل إقصاء أمازيغ المدن.25 في المائة التي أفضى إليها إحصاء المندوبية السامية لم تشمل سوى القرى والبوادي الامازيغية. و هذا ما يعلمه جيدا الصحفي عصام ومندوبه السامي الذي تحول ضمنيا إلى مدافع عنه.
الأمازيغية لم تسقط بعد يا عصام، ولكن رغم اختلافي معك في النتائج، فأنا أتفق معك في ذكرك في مقالتك لأمرين مهمين أعتبرهما حقيقتين مُرّتين:
الحقيقة المُرّة الأولى هي انك وضعت الأصبع في مكمن الداء ، وأشكرك لكونك قصفت وحشت الهضرة ،بالتعبير العامي، لبعض الأمازيغ الفاشلين في توريث الأمازيغية لأبنائهم. وهي حقيقة تاريخية مُرة تسري على كل المعرّبين والمستعربين الذين تخلوا عن هويتهم ولغتهم الأصلية. أما الحقيقة المرة الثانية: وهي الأهم وهي مكملة للأولى، وتتمثل في كون أغلب هؤلاء السفهاء الذين يهاجمون الأمازيغية ويقزمونها ويسفهونها هم في الأصل أمازيغ عُربوا واستعربوا. ومنهم من لم يتعرّب بعد، ومع ذلك قاد حملة شرسة ضد الأمازيغية. أذكر منهم المرحوم محمد عابد الجابري الذي دعا إلى إماتة اللهجات الأمازيغية.الجابري الذي كان يخدم أجندة أنظمة حزب البعث التوتاليتارية (عراق صدام وسوريا الأسد )التي انهارت بسبب عنصريتهما المقيتة و وديكتاتوريتهما وإبادتهما لشعوبهما.
سين- الأمازيغية بين المؤسسة الملكية والأحزاب السياسية ذات التوجه العروبي
لا شك أن المتتبع لتاريخ الحركة الأمازيغية سيلاحظ أن المواجهة العنيفة والشرسة التي واجهت هذه الحركة كانت من قبل الأحزاب السياسية وبعض المثقفين التابعين لها.إذا استثنيا حزب الحركة الشعبية و التقدم الاشتركية فكل روافد ما يسمى بالحركة الوطنية تصدت بكل بقوة للحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية.
وعلى النقيض من الأحزاب السياسية،لم تسجل الحركة الأمازيغية أي موقف سلبي ضد المكون الأمازيغي من قبل المؤسسة الملكية. و أنا أجزم أن ملف الأمازيغية ما كان ليجد طريقه للتسوية، لولم يتدخل القصر الملكي .ولعل أول إشارة إيجابية تندرج في هذا السياق الخطاب الملكي للمرحوم الحسن الثاني بمناسبة ثورة الملك والشعب 20 غشت 1994.
تعلم المؤسسة الملكية أن الأمازيغية ركيزة من ركائز المجتمع المغربي لذلك كان موقفها أكثر تقدما من كل التيارات والأحزاب السياسية التي متحت خلفيتها الإيديولوجية من القومية العربية التي أسستها شرذمة من العرب المسيحين، بإيعاز من بريطانيا وفرنسا اللتين كانتا تسعيان للسيطرة على تركة ما كانت تسميه بالرجل الأوربي المريض، في إشارة إلى تركيا التي كانت الدول الأوربية تسعى إلى إضعافها من خلال تشجيع الحركات الانفصالية.
من حسنات المؤسسة الملكية بالمغرب أنها بنت نسقها السياسي وقناعتها الإيديولوجية من الخصوصية المغربية ومن التعادلية والوسطية التي تميزت بها المملكة المغربية. ولم تسقط في فخ القومية العروبية البعثية التوتاليتارية على غرار نظام بومديان والأسد والقذافي و صدام. و هو أمر طبيعي بالنسبة لنظام ملكي سياسي ينسجم مع ذهنية الأمازيغ الذين عرفوا الملكية منذ فجر التاريخ ،و اختاروا “تاݣلديت” “(الملكية)Tagldit نظاما سياسيا موحدا للبلاد منذ 30 قرنا .
بعد سنوات من نضال الحركة الأمازيغية ورفعها مطالبها اللغوية والثقافية إلى اغلب الحكومات المتعاقبة التي تجاهلتها ،ستتدخل المؤسسة الملكية لإعادة الاعتبار للقضية الأمازيغية و إنصافها. وقد اتضح هذا التعاطي الملكي الإيجابي مع هذا الملف من خلال الأسس المرجعية الآتية:
الخطاب الملكي لـ 30 يوليوز 2001 : إدراج الأمازيغية لأول مرة بالنسبة لتاريخ المغرب في المنظومة التعليمية المغربية ؛
الخطاب الملكي في أجدير يوم 17 أكتوبر 2000 :الإعلان عن الظهير الشريف المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؛
الخطب الملكية السامية التي اعتبرها فيها الأمازيغية ملكا وإرثا لجميع المغاربة؛
تأكيد صاحب الجلالة ، في أكثر من مناسبة، على تطبيق مبدأ العدالة المجالية؛
الاعتراف الرسمي بالأمازيغية لغة دستورية ورسمية للبلاد؛
الاعتراف الملكي بالسنة أو التقويم الأمازيغي.
خاتمة :
لا يمكن أن نتصور المملكة المغربية بدون الثقافة واللغة الأمازيغية لأنها ملح هذا البلد الذي يضمن الخصوصية والتفرد والتميّز.ولا شك أن من اسرار استمرار الملكية في المغرب كون الملك تاج على رؤوس يمازيغن منذ الملوك الأمازيغ القدامى. لذلك ،لا عجب أن نجد في القصر الملكي السند الوحيد الذي دعم ولايزال يدعم مطالب الحركة الامازيغية، بخلاف الأحزاب والملاحقات والتنظيمات السياسية ذات التوجه البعثي اليساري العروبي، التي لم تهدد الثقافة الأمازيغية فحسب ،بل حاولت مرارا قلب نظام الحكم في المغرب واستبداله بنظام جمهوري اشتراكي فاشل.






















Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات