في جلسة برلمانية حامية بالمجلس، استعرض وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، تفاصيل خطة الحكومة لضمان تموين الأسواق بأسعار مناسبة، في ظل تحديات كبيرة تواجه القطاع الفلاحي والإنتاج الحيواني في المغرب.
وسط أجواء مشحونة داخل قبة البرلمان، رفع المستشارون أصواتهم مطالبين بحماية المستهلكين من طوفان الجشع والمضاربة بالأسعار، حيث باتت جيوب المواطنين تُستنزف دون رحمة رغم كل الجهود التي تعلنها الحكومة.
وبينما تواصل الأسعار تصاعدها الجنوني، يزداد القلق بشأن القدرة الشرائية التي تتهاوى أمام استمرار موجة الغلاء، ما يضع الحكومة أمام معركة لا مجال فيها للتهاون أو التبريرات.
وبينما كان المجلس مشحونًا بترقب الأسئلة، بدا الوزير واثقًا وهو يستعرض التدابير المتخذة لمواجهة الأزمة.
كشف البواري عن أن حجم مبيعات الحبوب المعتمدة تجاوز 550 ألف قنطار، في وقت بلغ فيه مخزون السدود المخصصة للأغراض الفلاحية 3.9 مليار متر مكعب. رغم هذه الأرقام المشجعة، يدرك الجميع أن التحديات أكبر من أن تُختصر في إحصائيات؛ إذ يعيش القطاع أزمة مركبة تتطلب مقاربة شاملة.
وأشار الوزير إلى حزمة إجراءات شملت توفير المدخلات الزراعية من بذور وأسمدة، فضلًا عن تشجيع زراعة الخضروات الأساسية كالطماطم والبطاطس والبصل على مساحة تقدر بـ 110 آلاف هكتار.
وبينما يشيد البعض بهذه الخطوات، يظل التساؤل قائمًا حول مدى كفايتها للتخفيف من ضغط الأسعار في الأسواق الوطنية.
أما على صعيد الإنتاج الحيواني، فقد كان للوزارة خطة أكثر شمولية، تبدأ بتعليق الرسوم الجمركية والضريبية على استيراد العجول والأغنام، وتنتهي بدعم الأعلاف الأساسية كالشرعير والمركبات العلفية، التي تشكل 70% من كلفة الإنتاج الحيواني.
ومع استيراد 120 ألف رأس من الأبقار و800 ألف رأس من الأغنام، أكد الوزير أن الحكومة مصممة على إعادة هيكلة القطيع الوطني وضمان استدامته.
ولكن الجدل الأكبر أثير حول اللحوم المستوردة، حيث سعى البواري لطمأنة المواطنين بشأن جودتها، مؤكدًا أن المجازر المعتمدة تخضع لرقابة صارمة من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
هذه التصريحات جاءت في ظل مخاوف متزايدة لدى المواطنين بشأن سلامة اللحوم المستوردة، وهو ما دفع الوزارة لتقديم ضمانات إضافية حول الالتزام بدفاتر التحملات والمعايير الصحية.
ورغم هذا الزخم من الإجراءات، فإن الأرقام وحدها لا تكفي لطمأنة المغاربة.
فإن المعارضة بمجلس المستشارين ترى أن الأزمة أعمق من مجرد تدابير آنية، وأن حلها يتطلب رؤية استراتيجية تعالج جذور المشكلة، بدءًا من تحسين إدارة الموارد المائية إلى تطوير سلاسل الإنتاج الزراعي والحيواني.
وسط هذه التحديات، تبرز أسئلة حاسمة: هل ستنجح هذه الإجراءات في كبح ارتفاع الأسعار؟ وهل ستكون كافية لحماية الأمن الغذائي للمغاربة في المستقبل؟ الإجابة ربما لن تتضح إلا مع مرور الوقت، ولكن الأكيد أن الحكومة أمام اختبار حقيقي لتأكيد قدرتها على إدارة أزمة تهدد استقرار الأسواق وثقة المواطنين.