نصّ الفصل الـ133 من دستور المملكة على الحق في التقدم بعدم دستورية قانون معين يمس بالحقوق والحريات المضمونة سلفا، وأشار إلى أن قانونا تنظيميا من المنتظر أن يحدد شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل، وهو القانون التنظيمي الذي لم يبدأ العمل به بعدُ، بفعل “إكراهات” واجهتها المسطرة المتبعة لإقراره.
وكانت المحكمة الدستورية، بموجب قرارها رقم 207/23 م.د الصادر بتاريخ 21 فبراير 2023، صرّحت بكون الإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون “غير مطابقة للدستور”، آمرة بتبليغ نسخة من هذا القرار إلى رئيس الحكومة ونشره بالجريدة الرسمية.
ودافع أساتذة جامعيون في هذا الإطار عن “ضرورة إصدار هذا القانون التنظيمي مستقبلا، إذ من شأنه المساهمة في حماية حقوق وحريات الأفراد في حالة مواجهتهم بنصوص قانونية مشبوهة بعدم دستوريتها، لا سيما وأن المغرب ما يزال يعتمد نصوصا تعود إلى عقود سابقة”، مؤكدين أن “السير في هذا الاتجاه سيكون بدوره تعبيرا عن احترام مضامين الدستور الذي نص على هذه الآلية القانونية الجديدة”.
وقال رضوان اعميمي، أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “القانون التنظيمي المذكور يعتبر من بين المستجدات التي جاء بها دستور المملكة لسنة 2011، ومن المرتقب أن يمنح لكل مواطن يواجه دعوى قضائية أمام المحكمة حق طلب الطعن في عدم دستورية بند قانوني، بما يسمح له بالدفاع عن حقوقه وحرياته أمام القضاء”.
وسجل اعميمي، في تصريح لهسبريس، أن “إصدار هذا القانون التنظيمي سيساهم في تطهير المنظومة القانونية التي يتم العمل بها بالمملكة خلال عقود طويلة، والتي تحمل بعض القوانين منها شبهة عدم الدستورية”، متابعا: “يرتقب أن يساهم كذلك في مطابقة مختلف النصوص القانونية لدستور المملكة، لكن ليس بشكل تلقائي وأوتوماتيكي، بل من خلال دعاوى قضائية يتم على إثرها التقدم بطلب من قبل مواطن بعينه بخصوص قانون يرى أن مضمونه مخالف للدستور؛ فاختيار هذه المنهجية ينضاف إلى مساعي المحافظة على استقرار التشريعات وعدم المساس بالأمن القانوني”.
كما لفت إلى “مجموعة من الأشواط التي ما تزال تفصل بيننا وبين العمل بهذا القانون التنظيمي الذي يعتبر نصا قانونيا عاديا، ذات أبعاد مسطرية أساسا”، مشيرا في السياق نفسه إلى أن “المنهجية المقترحة لتطبيق مسودة هذا النص القانوني تحول دون المساس باستقرار التشريعات المعمول بها بالمملكة”.
في سياق متصل، أوضح عبد الحافظ أدمينو، أستاذ جامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، أن هذا القانون التنظيمي “يهم في الأساس الحالات التي يكون فيها نزاع لدى أحد المواطنين أمام محاكم المملكة، وليس لأي فرد؛ بمعنى أن تطبيقه مشروط بوجود قضية أمام القضاء يتم خلالها الطعن في دستورية بند قانوني بعينه”.
وضمن إفادته لهسبريس، أكد أدمينو أن “هذا القانون التنظيمي يعتبر واحدا من بين القوانين التنظيمية الأخرى التي لم تصدر بعد، بينما تكمن أهميته في دعم مساعي بناء دولة القانون، فضلا عن كونه يعطي ضمانة إضافية للأفراد حتى يطعنوا في قوانين بعينها يشتبه في عدم مطابقتها للقانون الأسمى”، متابعا: “إخراج هذا القانون التنظيمي إلى مرحلة النفاذ ما يزال رهينا بالنظر في الملاحظات التي سبق أن أثارتها المحكمة الدستورية”.
وزاد: “سيكون هذا النص القانوني بمثابة آلية مهمة بالمملكة، إذ لدينا منظومة تشريعية ترجع بعض نصوصها إلى فترة الحماية أو العقود الأولى التي تلت نيل المغرب لاستقلاله؛ فهذا يطرح مبدئيا إمكانية وجود شبهات عدم الدستورية في مضامين بعضها، أبرزها تلك التي تخص تنظيم ممارسة الحقوق والحريات الأساسية في التجمعات العمومية والملكية كذلك”، مشددا في السياق نفسه على “أهمية الوسائل والآليات التي يمنحها هذا القانون للمواطن في علاقته بالتشريعات التي تطبّق في حقه”.