مع تزايد حركة السير في المدن المغربية الكبرى وضواحيها، باتت ظاهرة استعمال الأضواء القوية المعدلة على الدراجات النارية واحدة من التحديات الملحة التي تواجه السلامة الطرقية.
هذه الظاهرة، التي تتزايد يومًا بعد يوم، لم تعد مجرد تصرف فردي يخص قلة من مستعملي الدراجات النارية، بل تحولت إلى معضلة تهدد حياة الآلاف من مستعملي الطرق ليلاً.
ما كان في البداية مجرد وسيلة فردية لتحسين الرؤية الليلية لبعض مستعملي الدراجات النارية، تحول اليوم إلى ظاهرة تثير الرعب على الطرقات، حيث باتت تلك الأضواء القوية المعدلة أشبه بشعاع خطر يخترق الظلام ليزرع الفوضى ويهدد سلامة السائقين.
وأصبح هذا التصرف العشوائي كابوسًا حقيقيًا يعكر صفو حركة المرور ويزيد من احتمالية وقوع حوادث مميتة، مما يجعل كل رحلة ليلية مغامرة محفوفة بالمخاطر، حيث يصفها البعض محليًا بـ”الفار القوي”، التي تختلف تمامًا عن الأضواء الأصلية التي تأتي مع المركبات.
ورغم أن القوانين المغربية واضحة بشأن مواصفات الإضاءة المسموح بها للمركبات، إلا أن تطبيق هذه القوانين يواجه تحديات عديدة.
في زوايا مظلمة من ورشات الصيانة المنتشرة بمختلف أنحاء المملكة، تُقدَّم خدمات تعديل الأضواء بأسعار زهيدة تغري الباحثين عن إضاءة أقوى، دون أي اعتبار للضوابط القانونية أو المعايير الفنية.
لكن الأمر لا يتوقف هنا، فقد وجدت هذه الظاهرة منفذًا آخر عبر الإنترنت، حيث يقوم بعض مستعملي الدراجات النارية باقتناء هذه الأضواء المعدلة بسهولة من مواقع أجنبية، لتنتشر كالنار في الهشيم، متجاوزة كل رقابة، ومهددة سلامة الجميع على الطرق.
وأضحى مستعملو الطريق، خاصة السائقين الليليين، يعبرون عن استيائهم المتزايد من هذه الظاهرة.
وفي أحاديث متفرقة مع العديد منهم، أعربوا عن قلقهم من أن تصبح القيادة ليلاً بمثابة مغامرة محفوفة بالمخاطر.
وأشار بعضهم إلى أن الأضواء المعدلة غالبًا ما تكون أكثر إزعاجًا على الطرق السريعة، حيث يتطلب الأمر تركيزًا كبيرًا وسرعة في التفاعل مع الظروف المحيطة.
أمام هذا الوضع، دخل البرلمان على الخط، حيث وجه النائب البرلماني عبد القادر الطاهر سؤالًا كتابيًا إلى وزارة النقل واللوجستيك، طالبًا الكشف عن الخطوات والإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها للحد من هذه الظاهرة المتفاقمة.
وتتطلب المسألة مقاربة شمولية تشمل رفع الوعي المجتمعي بخطورة هذه التعديلات، وتشديد الرقابة على ورشات الصيانة، مع تحفيز السائقين على الالتزام بالقوانين حفاظًا على سلامة الجميع.
