يتوقع أن تشهد أسعار البن ارتفاعا متزايدا في مختلف أنحاء العالم، من طوكيو إلى باريس ونيويورك، بسبب الجفاف الشديد الناجم عن التغير المناخي في البرازيل، أكبر منتج ومصدر للبن عالميا.
في صبيحة أحد أيام شتنبر 2024، تفاجأ المزارع البرازيلي مويسير دونيزيتي (54 عامًا) برائحة حريق بينما كان يتفقد أشجار البن في مزرعته. وبعد ساعات قليلة، التهمت النيران خمسة هكتارات من مزرعته، ودمرت جزءا كبيرا من محصوله المتوقع لهذا العام والعام المقبل. يقول مويسير بحسرة: “لم نخسر جزءا من محصول هذا العام فحسب، بل أيضا جزءا من محصول العام المقبل، لأننا سنضطر إلى الانتظار لثلاث إلى أربع سنوات حتى تصبح هذه الأرض منتجة مجددا”.
كان عام 2024 هو الأكثر حرا على الإطلاق في البرازيل، حيث سجلت البلاد أعلى عدد لحرائق الغابات منذ 14 عاما. ورغم أن الحريق في كاكوندي، المدينة الأكثر إنتاجا للبن في ولاية ساو باولو، بدأ على الأرجح بسبب إشعال النار في كومة قمامة، إلا أن الجفاف الشديد ساهم في انتشاره بشكل مدمر. ويوضح مويسير: “الطقس جاف للغاية منذ خمس سنوات تقريبا. في بعض الأحيان تنحبس الأمطار لأشهر، وعندما تأتي فترة الإزهار، تجف القهوة وتجد صعوبة في المقاومة”.
تستحوذ البرازيل على أكثر من ثلث إنتاج القهوة العالمي، مما يجعل معاناة مزارعيها ذات تأثير قوي على الأسعار العالمية. وقد ارتفع سعر قهوة أرابيكا، الصنف الأكثر استهلاكا، بنسبة 90% في عام 2024، ليصل إلى مستوى قياسي جديد عند 3.48 دولار للرطل في بورصة نيويورك، متجاوزا الرقم القياسي السابق المسجل في عام 1977.
ويقول غي كارفاليو، المستشار البرازيلي المتخصص في القهوة: “أعمل في هذه الصناعة منذ 35 عاما ولم أواجه مثل هذا الوضع الصعب من قبل”. ويضيف أن “الإحباط بسبب الحصاد المخيب للآمال لأربع سنوات متتالية، من 2021 إلى 2024، والتوقعات غير المتفائلة لعام 2025، هي أسباب رئيسية لارتفاع الأسعار”.
إلى جانب العوامل المناخية، تساهم عوامل جيوسياسية في تفاقم الأزمة، مثل الحواجز الجمركية التي وعد بها دونالد ترامب قبل عودته إلى البيت الأبيض، والقواعد الأوروبية الجديدة التي تقيد استيراد المنتجات الناتجة عن إزالة الغابات.
مع استمرار تداعيات التغير المناخي وزيادة الضغوط الجيوسياسية، يبدو أن ارتفاع أسعار البن سيظل واقعا مؤلمًا للمستهلكين حول العالم، بينما يكافح المزارعون البرازيليون للحفاظ على سبل عيشهم في مواجهة الطقس المتطرف.
