تعد اللحوم البيضاء مادة أساسية في المائدة المغربية، فهي الأكثر استهلاكا بالنظر لأسعارها المناسبة لجيوب الفئات الفقيرة والمتوسطة مقارنة بأسعار اللحوم الحمراء. وفي ظل الارتفاع المتواصل الذي يشهده ثمن الدواجن، تتزايد المخاوف من تأثيرات هذا الارتفاع على المستهلكين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تشهد زيادات ملحوظة في أسعار مجموعة من المواد الغذائية الأساسية.
وفي حديث لـ”أخبارنا”، اعتبر سفيان بودرة، الباحث في الشؤون الاقتصادية والمالية، أن “عرض الدواجن يعرف ضعفًا كبيرًا في مقابل الطلب المتزايد، خاصة في مناسبات أو مواسم معينة مثل شهر رمضان أو الأعياد. ومع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والأسماك، لجأ المواطن المغربي إلى الدواجن كبديل رئيسي للبروتين الحيواني. كما أن تراجع القدرة الشرائية للمواطن بسبب التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة ساهم في ارتفاع الطلب واختيار الدواجن كخيار اقتصادي نسبيًا مقارنة باللحوم الأخرى”.
في المقابل، لم يشهد العرض نموًا مماثلًا، يقول المتحدث نفسه، وذلك “بسبب عدة عوامل اقتصادية، من بينها ارتفاع ثمن الأعلاف التي تمثل النسبة الأكبر من تكلفة إنتاج الدواجن. وأي زيادة في أسعارها تؤدي مباشرة إلى رفع تكاليف الإنتاج. كما أن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء يزيد من كلفة تشغيل المزارع ونقل هذا المنتج الحيواني”.
وأضاف المتحدث أن “تعدد الوسطاء التجاريين في قطاع الدواجن يمثل أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في ارتفاع الأسعار. فمع تزايد عدد الوسطاء بين المنتج والمستهلك، يزداد هامش الربح الذي يتقاضاه كل وسيط، مما يزيد من تكلفة المنتج النهائي للمستهلك”.
ومن أجل مواجهة هذه الأوضاع وضمان استقرار الأسعار، يرى الباحث في الشؤون الاقتصادية أنه “يجب وضع آليات رقابية فعالة للحد من دور الوسطاء المبالغ فيه وضمان شفافية الأسعار. كما ينبغي تعزيز الاستثمارات في قطاع الدواجن، سواء كانت استثمارات وطنية أو أجنبية. ويمكن للحكومة توفير حوافز ضريبية ومالية للمستثمرين في هذا القطاع”.
هذا، وقد عمل المغرب على زيادة وارداته من الدواجن والبيض مع استمرار ارتفاع الأسعار بسبب الطلب المتزايد. حيث أفادت الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن، خلال لقاء جمع مهنيي القطاع بوزير الفلاحة أحمد البواري نهاية الأسبوع المنصرم، أنه تم استعراض الوضع الراهن للقطاع. إذ شهدت واردات أمهات الكتاكيت بمختلف أنواعها زيادات مهمة. فقد ارتفعت واردات أمهات الكتاكيت صنف اللحم بنسبة 14%، وأمهات الكتاكيت صنف الديك الرومي بنسبة 4%. في حين شهدت واردات كتاكيت الديك الرومي زيادة كبيرة بنسبة 196%. كما أظهرت البيانات أن الإنتاج الوطني من الدواجن بلغ 391 مليون كتكوت في 2024، بزيادة قدرها 5%.