الإثنين, يناير 27, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيأزمة وجودية في قلب الديمقراطية – لكم-lakome2

أزمة وجودية في قلب الديمقراطية – لكم-lakome2


مع بداية عام 2025، يعيش الجسم الصحفي الأمريكي لحظات عصيبة تعكس أعمق أزماته في العصر الحديث. موجة من التسريحات الجماعية وإغلاق المنافذ الإعلامية المستقلة تضع مستقبل الصحافة الحرة، الحارس الأبرز للديمقراطية، في مواجهة خطر وجودي حقيقي. رسالة وصلتني من فريق The Intercept، إحدى أبرز مؤسسات الصحافة الاستقصائية المستقلة، كانت بمثابة صرخة استغاثة، لكنها أيضًا تعبير عن أزمة عالمية تطال الإعلام وحرية التعبير.

آراء أخرى

شهدت مؤسسات إعلامية بارزة مثل HuffPost تسريح ما يقرب من ربع فريقها التحريري، بينما استغنت صحيفة واشنطن بوست عن 100 موظف. هذه الأرقام تضيف إلى نزيف مستمر يعاني منه الإعلام منذ سنوات، حيث انخفض عدد الصحفيين في الولايات المتحدة بنسبة 26% بين عامي 2008 و2020. في العام الماضي فقط، تم إلغاء 4902 وظيفة إعلامية، في أكبر موجة تسريحات منذ جائحة 2020.

الأزمة لا تقتصر على الاقتصاد.المشهد السياسي الأمريكي يزداد عداءً للصحافة. شخصيات بارزة مثل دونالد ترامب وإيلون ماسك يهددون بخفض التمويل عن وسائل إعلام عامة مثل NPR وPBS. وهما مؤسستان إعلاميتان غير ربحيتين تُعتبران من أبرز الأصوات المستقلة في الإعلام الأمريكي. تقدم NPR، وهي اختصار لـ National Public Radio (الإذاعة الوطنية العامة)، محتوى إذاعيًا متميزًا يتنوع بين الأخبار والتحليلات الثقافية والاجتماعية. أما PBS، أو Public Broadcasting Service (خدمة البث العام)، فهي شبكة تلفزيونية تقدم برامج تعليمية وثقافية، وتُعتبر ملاذًا للأعمال الإعلامية الجادة والمستقلة. تهديد التمويل عن هاتين المؤسستين لا يعني فقط تضييق الخناق على الإعلام المستقل، بل ضربة قاسية لحق المواطنين في الحصول على محتوى إعلامي متنوع وغير منحاز.

القانون سلاح الأغنياء ضد الإعلام
إلى جانب الضغوط السياسية، يواجه الصحفيون معارك قانونية شرسة. أثرياء مثل إريك برنس يستخدمون قوانين التشهير لتقييد المؤسسات الإعلامية واستنزاف مواردها، مما يهدد قدرتها على كشف الفساد والنفوذ.

هذه الأزمات ليست مجرد تهديد للصحافة، بل للديمقراطية نفسها. الإعلام هو العمود الفقري لأي نظام ديمقراطي، وحين يصبح الصحفي عدوًا أو عبئًا، فإن حرية التعبير نفسها تختفي. كيف يمكن أن تُختزل الديمقراطية إلى شعارات جوفاء بينما تُخنق الكلمة الحرة؟

الرسالة التي وصلتني من The Intercept لم تكن مجرد طلب دعم مالي، بل صرخة تنبيه: إذا كان هذا هو حال الصحافة في الولايات المتحدة، التي لطالما كانت رمزًا لحرية التعبير، فماذا عن الصحافة في بقية العالم؟ إذا كانت الديمقراطية تختنق في مهدها، فما المصير الذي ينتظرنا جميعًا؟

إن ما نراه اليوم هو عبث محض. المؤسسات التي يُفترض أن تكون حامية للحقيقة تُغلق، والصحفيون الذين يُفترض أن يكونوا حراسًا للديمقراطية يُطاردون. السؤال هنا ليس فقط عن الصحافة الأمريكية، بل عن مستقبل حرية التعبير عالميًا. إذا أردنا إنقاذ الصحافة، علينا أن نعيد التفكير في دورها وأهميتها، لأن احتضارها هو احتضار للديمقراطية نفسها.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات