في ظل ظرفية اقتصادية معقدة يتسم فيها المشهد بتباطؤ معدلات النمو وارتفاع نسب البطالة، يواجه قطاع المقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة في المغرب تحدياً جديداً يتمثل في الحجز المفاجئ على حساباته البنكية وأصوله التجارية من قبل المديرية العامة للضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، نتيجة عدم سداد المستحقات المتراكمة.
وفي بيان صادر عن الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة، أكدت الأخيرة أن المؤسستين المذكورتين باشرتا عمليات الحجز دون سابق إنذار، ما أثر بشكل مباشر على استمرارية هذه المقاولات التي تمثل أكثر من 98% من النسيج الاقتصادي الوطني.
وأشار البيان إلى أن هذه الإجراءات القسرية تتم في ظل غياب الإشعار المسبق، رغم أن القوانين المعمول بها تنص على ضرورة إعلام أصحاب المقاولات قبل مباشرة الحجز. واعتبرت الكونفدرالية أن تجاهل هذا الإجراء القانوني يعرض الشركات الصغيرة والمتوسطة لضغوط مالية قد تؤدي إلى إفلاسها وتفاقم الوضع الاقتصادي.
وأضافت الكونفدرالية أن هذا النهج يعكس غياب رؤية شاملة لمعالجة أزمة المقاولات، محذرة من تداعياته السلبية على سوق العمل، خاصة في ظل الارتفاع المستمر لأسعار المواد الأساسية والمحروقات، فضلاً عن الصعوبات التي تواجهها المقاولات في الوصول إلى التمويل.
في هذا السياق، طالبت الكونفدرالية المديرية العامة للضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلى جانب وزارة الاقتصاد والمالية، بفتح حوار جاد مع ممثلي المقاولات الصغيرة والمتوسطة لإيجاد حلول متوازنة تضمن استمرار هذه الشركات في العمل. وشددت على أهمية مراجعة السياسات المتبعة في التعامل مع هذه الفئة من المقاولات، داعية إلى تبني نهج أكثر مرونة ودعماً.
وأكدت الكونفدرالية أن استمرار الوضع الحالي دون تدخل عاجل قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية واقتصادية، مشيرة إلى أن الحجز غير المسبوق على الحسابات البنكية والأصول التجارية دون توفير بدائل أو منح فرصة لتسوية الديون، يهدد بتدمير النسيج الاقتصادي المحلي.
ودعا التكتل المهني إلى إجراء إصلاحات عاجلة لآليات الحجز والتحفظ على الأصول، مشدداً على ضرورة إدخال تعديلات قانونية تلزم المؤسسات المعنية بإشعار المقاولات مسبقاً قبل تنفيذ أي إجراءات حجز، ومنحها الفرصة لتسوية وضعيتها المالية.
كما ناشدت الكونفدرالية الحكومة بقيادة عزيز أخنوش بالتحرك سريعاً واتخاذ تدابير لحماية المقاولات الصغيرة والمتوسطة، بما يضمن الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني وتفادي موجة جديدة من الإفلاسات التي قد تنعكس سلباً على معدلات البطالة.
واختتم البيان بالدعوة إلى تغيير النظرة السائدة لدى الإدارة الضريبية ومؤسسات الضمان الاجتماعي تجاه المقاولات الصغيرة، مؤكداً أن هذه الشركات ليست جميعها متهربة من أداء التزاماتها، بل إن العديد منها يعاني من صعوبات حقيقية نتيجة الأزمات المتتالية. وشددت الكونفدرالية على أهمية منح المقاولات المتعثرة فرصة لتقديم بياناتها وتسوية وضعها، تفادياً للوصول إلى مرحلة اللاعودة التي تهدد استقرار الاقتصاد المغربي ككل.