رفضت أحزاب يسارية، جملةً وتفصيلاً، قرار محكمة العدل الأوروبية، الصادر الأسبوع الماضي، بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري اللتين تجمعان المغرب بالاتحاد الأوروبي، القاضي في حكم نهائي بإلغائهما ورفض الطعون التي تقدمت بها المفوضية الأوروبية، باعتبارهما اتفاقيتين لم يؤخذ فيهما برأي ما أسمته المحكمة “شعب الصحراء”، معتبرة أن “وجودهما رهين بموافقته”.
هذه الأحزاب قالت إن “لغة الابتزاز والتسييس حضرتا بقوّة في هذا الحكم، على اعتبار أن المحكمة خلطت أولاً بين الشعب والساكنة”، وثانيا “لكونها لم تستحضر حكما صدر سابقاً عن القضاء البريطاني”، وأجملت الهيئات اليسارية ذاتها بأن “القرار لا يستطيع أن يحرّك ما حققه المغرب في هذا الملف، الذي انبرت مختلف الدول الأوروبية للدفاع عنه وعن شراكتها مع الرباط وتعاونها مع البلد الشمال إفريقي كحليف استراتيجي عقب الحكم غير المنصف”.
حكم سياسي
علي بوطوالة، نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار، قال إن “الحكم ابتعد عن القانون، وخلطه بين الشعب والساكنة مغالطة كبيرة سقط فيها منطوق المؤسسة العدلية الأوروبية”، مسجلاً أن “الوقت حان لرصّ كل القوى السياسية والنقابية والمدنية الوطنية الصفوف لوقف هذا الابتزاز الذي تحاول هذه المحكمة أن تدخل المغرب فيه من خلال التحايل على ملف القضية الوطنية الأولى للانتصار لطرح الجبهة”.
بوطوالة لفت في تصريحه لهسبريس إلى أن “الأمر فيه تضييق على المغرب وتشويش على وحدته الترابية، وهذا يتزامن دائماً مع اجتماع مجلس الأمن في أكتوبر أو أبريل، من أجل الضغط على القوى الكبرى داخل الأمم المتحدة لتغيير موقفها لصالح الأطروحة الانفصالية”، مديناً بشدّة “هذه المقاربة التي لا تعبر عن تعاطٍ سياسي سليم ولا حتى قانوني”، مشددا على مواصلة “فضح هذه الأفعال والدفاع عن الصحراء المغربية في كل القنوات المتاحة لنا كفعاليات يسارية”.
وأضاف القيادي اليساري أن “المحكمة لم تلتفت إلى الإجماع الوطني الذي يتعلق بقضية أقاليمنا الجنوبية”، مؤكدا أن “الدفاع عنها هو أولوية بالنسبة إلينا على مستوى حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي”، وزاد: “هكذا كنا دائما، ونحن ندعو إلى احترام السيادة الوطنية والشرعية الدولية وسيظل هذا موقفنا لكونه لا يقبل التغيير أو التفاوض، ولا نقبل أن تساوم الدول المغرب في هذا الموضوع، ونحارب ونرفض أيّ موقف يندرج في دعم الانفصال أو تمزيق الأوطان والشعوب”.
كيل بمكيالين
جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، اعتبر هذا الملف “فارغاً من الناحية القانونية”، مستغرباً كيف أن “القضية نفسها طرحت في بريطانيا التي تعرف بعراقتها القانونية وفلسفتها التشريعية وفصل السلط الحقيقي، فرُفِضت في كافة مراحل التقاضي، ثم تأتي محكمة أوروبية وتحكم بعكس ذلك”. وزاد: “عيوب قانونية واضحة تنتصر للطرح الانفصالي الذي نرفضه جملةً وتفصيلاً كما نرفض دفوعه”.
ووفقاً للعسري في تصريحه لهسبريس، فإن “هذه المحكمة من جهة أخرى لا تستطيع أن تفعل الشيء نفسه مع الكيان الصهيوني الذي يحتل فلسطين والضفة الغربية ويقترف حرب إبادة في غزة والمنتجات القادمة من هناك تباع في مختلف أنحاء أوروبا”، معتبراً ذلك “سياسة للكيل بمكيالين وتوجيه النظر بخصوص نزاع الصحراء المفتعل إلى مناطق رمادية رغم أن الأمر واضح بأن المغرب يوجد في صحرائه”. وأكد: “ندعم الوحدة الترابية وتقوية الديمقراطية الوطنية لتجويد الدفاع عنها”.
وأورد المتحدث سالف الذكر أنه “كان يمكن أن نسكت جميعاً ونقول إن القضية قانونية لا يمكن الحديث عنها أو التشكيك في القضاء الأوروبي، لكن المنطق الذي يحكم هذا الملف بالتحديد فيه نقاش كبير لا يمكن أن نسكت عنه، وفيه ابتزاز”، خالصاً إلى أن “المغرب عليه أن ينوع شراكاته في الوقت الحالي، فالمؤسسات الأوروبية صار يبدو أنها تسيست وابتعدت عن القانون. ومن جهتنا، لا بدّ من تقوية وحدتنا الوطنية”.