أكد محمد البكوري، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أن فريقه انسحب من اجتماع لجنة المالية خلال عرض الميزانية الفرعية للهيئة الوطنية النزاهة ومحاربة الرشوة، بحضور رئيسه محمد البشير الراشدي، احتجاجا على توزيع اتهامات الفساد على الجميع.
وبينما لم يصدر عن البكوري أي احتجاج أو تعقيب على أرقام الهيئة التي قدمها الراشدي، صباح اليوم الأربعاء، اختار لجنة رئيس فريق “الحمامة” انعقد لجنة التعليم والقطاعات الاجتماعية لتقديم الميزانية الفرعية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، لكشف موقف فريقه من أرقام “هيئة النزاهة”.
وقال البكوري أنه حضر في اجتماع تقديم ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة بحضور رئيسها “لكنني انسحبت بمجرد أن اطلعت على الأرقام لأنه يتهم الكل بالفساد”.
وأورد أن الأرقام التي قدمها أوضحت أن قطاع الصحة جاء في مقدمة القطاعات الأكثر فسادا بـ68 في المئة، والأحزاب السياسية 53 في المئة، والحكومة 49 في المئة والبرلمان 48 في المئة والنقابات 37 في المئة.
وتابع بأن الاتهامات بكون “الكل فاسد مسألة تستدعي التدقيق لمعرفة مصدر هذه الأرقام وكيفية الحصول عليها”، مشددا “رئيس الهيئة يتهم الجميع بالفساد، وهذه الأرقام فيها شيء من الغلو”، داعيا وزير الصحة والحماية الاجتماعية إلى الرد على أرقام هيئة النزاهة باعتبار أن قطاع الصحة جاء ضمن القطاعات الأكثر فسادا.
وعلى عكس موقف فريق الأحرار، صبت مختلف التدخلات خلال مناقشة ميزانية هيئة النزاهة في اتجاه الاعتراف بخطورة ظاهرة الفساد واستفحاله، مؤكدة على ضرورة تظافر الجهود بين الجميع حكومة ومؤسسات ومجتمع مدني لمحاصرة الظاهرة.
الأكثر من ذلك، اتجهت التدخلات ومنها الصادرة عن فرق من الأغلبية إلى ضرورة حشد الدعم السياسي لهيئة النزاهة وباقي هيئات الحكامة للقيام أدوارها، إضافة إلى ضرورة تزويدها بالموارد البشرية والمالية للقيام بمهامها، مع الانخراط الجماعي في الميثاق الوطني لمحاربة الفساد.
وسبق أن رد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، بقوة على اعرض قدمه رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، رافضا المزايدة على الحكومة في شأن محاربة الفساد، مطالبا الهيئة بكشف ما قامت به للإضطلاع بأدوارها المنصوص عليها في الدستور.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة على أن محاربة الفساد هي انشغال كبير لدى الحكومة التي اشتغلت على الموضوع بعمق ومنذ أن تم تنصيبها، مذكرا في هذا الإطار بأن حجم المتابعات ارتفع مما يؤكد حرص الحكومة على متابعة أي مس بالمال العام أو أي تمظهر من تمظهرات الفساد، لافتا إلى الإجراء المتعلق بمرسوم الصفقات العمومية الذي تضمن عددا من المضامين الجديدة، إذ أخضع الطلبيات وسندات الطلب لمسطرة العروض مما يؤكد انخراط الحكومة القوي لمعالجة الظاهرة والمساهمة في حصرها.
وعبر بايتاس عن اندهاشه من “عدم الانتباه إلى كل الإجراءات التي تقوم بها الحكومة، وأندهش أكثر بأن مؤسسات أخرى تشتغل في نفس المجال ونطالبها بأشياء غير موجودة في القوانين المنظمة لها”، مشددا على أنه قبل مطالبة المؤسسات بفعل أشياء يجب أن نطلع أولا على القوانين المؤطرة لهذه المؤسسات.
وشدد الناطق الرسمي على أنه لا يمكن لأي أحد أن يعتقد أنه يحارب الفساد أكثر من باقي الأطراف، لافتا إلى أن هذه المعركة يساهم فيها الجميع على قدم المساواة، بما فيها السلطو التنفيذية والمؤسسات الدستورية التي تشتغل على الموضوع وأيضا الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.
وتسائل بايتاس في إشارة إلى الهيئة المذكورة “هل اختصاصات هذه المؤسسة لا يوجد فيها تخليق الحياة العامة وترسيخ مبادئ الحكامة العامة وثقافة المرفق العام وقيم المواطنة المسؤولة.. أين هو المجهود الذي قامت به هذه المؤسسة في المقتضيات المنصوص عليها في الدستور والفصل 167 منه.
وتابع بايتاس “من يعرف الفساد ويعرف ملفات الفساد والمعطيات المتعلقة به يجب أن يذهب إلى القضاء لأنه الجهة الوحيدة المسؤولة عن زجر ومتابعة من يقوم بالفساد”.