رسمت المهمة الاستطلاعية البرلمانية المؤقتة حول الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، صورة قاتمة عن وضع “لوطورت” ومرافقها وطريقة تسييرها ووضعها المالي، وذلك بالتزامن مع استمرار معاناة مجموعة كبيرة من السائقين مع مشاكل الطرق السيارة من جهة، وتواصل الاحتقان في صفوف مستخدمي وأطر الشركة من جهة ثانية.
المهمة الاستطلاعية التي شكلتها لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة والتنمية المستدامة بمجلس النواب، ترأسها البرلماني سيدي إبراهيم خي، وضمت في عضويتها 13 نائبا منتدبين على أساس التمثيل النسبي لفرقهم، حيث عقدت لقاءات مع المدير العام للشركة الوطنية للطرق السيارة، وزراء التجهيز والماء، النقل واللوجستيك، الاقتصاد والمالية، مع تنظيم زيارات ميدانية للطرق السيارة ومرافقها بعدد من المناطق والجهات.
ورصدت المهمة الاستطلاعية في تقريرها النهائي، تتوفر “العمق” على نسخة منه، مجموعة من الإكراهات والاختلالات بالشركة الوطنية للطرق السيارة، مشيرة إلى أنها تنعكس سلبا على المواطن والبيئة والبنيات التحتية والعائدات المالية، مما يحول دون الوصول إلى النتائج المرجوة للمرتفقين.
وسجلت المهمة استمرار كثرة الأشغال بمجموعة من المقاطع الطرقية، تزامنا مع أوقات الذروة في المناسبات والعطل والأعياد، مما ينتج عنه اكتظاظ خطير وأحيانا تؤدي إلى حوادث، مشيرة إلى تزايد المدة الزمنية للسفر لمستعملي الطريق السيار بسبب تعدد أشغال العمل والصيانة في مقاطع متفرقة، مع أداء نفس التسعيرة رغم التأخير الذي تتسبب فيه تلك الأشغال.
وانتقدت المهمة الاكتظاظ عند نقط الأداء التي استفحلت بشكل كبير مع اعتماد بطاقة جواز، حيث يتم تشغيل ممر واحد فقط، أو ممرين على الأكثر، للأداء نقدا، مقابل أربع ممرات أو أكثر للأداء عن طريق “جواز”، مما يتسبب في حالة ارتباك كبيرة على مستوى هذه الممرات، وهي ظاهرة تثير غضبا عارما في صفوف السائقين.
ودعت المهمة البرلمانية إلى ضرورة إعادة النظر في التعريفة المحددة، خاصة بالنسبة للسيارات النفعية، مسجلة ارتفاع الأثمنة مقارنة مع الخدمة، مشيرة على سبيل المثال إلى أن المقطع الطرقي بين الرباط ومراكش تحدد له الشركة حوالي 130 درهم، وهو مبلغ اعتبرته المهمة مكلف بشكل كبير للسائقين، خاصة إذا انضاف له ثمن الغازوال.
وسجل التقرير، كذلك، انعدام الأمن على مستوى مجموعة من المقاطع وتعرض بعض السيارات للرشق بالحجارة، إلى جانب ضياع السياجات ببعض المقاطع الطرقية، خاصة بالمناطق التي توجد بها الدواب والماشية على جوانب الطرقات، مما يشكل تهديدا كبيرا على سلامة مستخدمي الطرق السيارة.
وسلطت المهمة الضوء على إشكالية نقص وضعف التشوير الطرقي، موضحة أنه يمكن أحيانا أن تفصل بين علامة وأخرى مسافة 20 كيلومترا، إضافة إلى عدم توفر علامات التشوير أحيانا على المعايير المعتمدة بما في ذلك وضوحها في الليل.
إضافة إلى ذلك، كشف التقرير خلو الإدارات التابعة للشركة عند نقط الأداء من المسؤولين المعنيين، لافتا إلى أن الإدارات يتواجد فيها فقط بعض الحراس الذين لا يمتلكون أجوبة حول المشاكل التي تعترض مستعملي الطريق، أو مستخدما وحيدا مسؤولا عن تعبئة البطائق.
كما رصد التقرير امتعاض مستعملي الطريق السيار من باحات الاستراحة بسبب ارتفاع أثمنة المنتجات والخدمات المقدمة، ومضاعفتها مرتين أو ثلاثة مقارنة بأثمانها في الأسواق الكبرى والمحلات التجارية، مع مشكل جودة الخدمات المقدمة وقلة وبعد محطات الاستراحة.
واستغربت المهمة البرلمانية من تأخر إنجاز مقاطع طرقية هامة، ضمنها مقطع أكادير تيزنيت، مراكش فاس، تيط مليل برشيد وسيدي علال البحراوي، مسجلة استمرار الأضراء في مقاطع عدة، ضمنها مقطع فاس تازة.
ولفت التقرير إلى مشكل غلق إدارة الطرق السيارة بمحطات الأداء عىل الساعة العاشرة، ومشكل الشاحنات البطيئة، موصيا بضرورة تطبيق قانون منعهم من استعمال الطريق السيار من السادسة مساء إلى السادسة صباحا.
كما حذرت المهمة من مشكل حوادث السير بالطرق السيارة، في ظل إشكالية قلة وتأخر سيارات الإغاثة وغيابها في بعض المحاور، وعد تجهيزها بمعدات السلامة اللازمة.
وتساءلت المهمة البرلمانية عن كيفية تمويل 1200 كلم المزمع تشييدها في أفق سنة 2030، استعدادا لتنظيم المملكة للاستحقاق الرياضي العالمي مونديال 2030، ومدى توفر تمويل هذها المشروع بالرغم من المشاكل المالية المطروحة على الشركة حاليا.
وشددت على ضرورة تبني مقاربة شمولية ومندمجة لتطوير أساليب تدبير الطرق السيارة وعقلنة استغلالها ومراقبتها، في إطار سياسة وطنية تقوم على تحسين البنية الطرقية والمحافظة عليها وضمان استدامتها، من خلال استحضار الرهانات الاقتصادية والتنموية المرتبطة بتدبير هذا المجال وفق مبادئ الحكامة الجيدة.