في مساء يوم حزين، ودّعت كرة القدم المغربية أحد أبرز نجومها، الأسطورة حسن أقصبي، الذي فارق الحياة عن عمر يناهز 90 عامًا.
هذا الخبر أثار موجة من الحزن بين عشاق اللعبة في المغرب، حيث يُعتبر أقصبي واحدًا من الأيقونات التي خلدت اسمها في تاريخ الكرة المغربية، سواء في الملاعب المحلية أو الأوروبية.
ووُلد حسن أقصبي في مدينة طنجة بتاريخ 5 ديسمبر 1934، وكان انطلاقته في عالم كرة القدم محلية، حيث بدأ مشواره في صفوف فريق الحي سيفيانا بطنجة.
ولفتت موهبته الأنظار، لينتقل إلى الفتح الرباطي في 1952، ليبدأ كتابة أولى فصول نجاحه مع نادي العاصمة المغربية.
وفي عام 1955، قرر أقصبي خوض تجربة احترافية خارج حدود المغرب، لينضم إلى فريق نيم أولمبيك الفرنسي.
خلال ست سنوات قضاها في فرنسا، أظهر أقصبي قدراته الفائقة كمهاجم، حيث سجل 119 هدفًا في 204 مباريات، ما جعله أحد أبرز اللاعبين في الدوري الفرنسي آنذاك.
وانتقل بعدها إلى ستاد ريمس في 1961، حيث واصل تألقه وساهم في تحقيق العديد من الانتصارات لفريقه.
وتمكّن أقصبي من تسجيل 48 هدفًا في 78 مباراة مع النادي الفرنسي، ليُصبح أحد أبرز الهدافين في تاريخه.
كان عام 1962 عامًا مميزًا بالنسبة له، حيث توج بلقب الدوري الفرنسي مع ستاد ريمس، إضافة إلى فوزه بكأس محمد الخامس، الذي شهد فوز فريقه على الجيش الملكي في المباراة النهائية بخماسية نظيفة، وأيضًا تحقيق فوز مهم على فريق إنتر ميلانو الإيطالي.
ولم تقتصر مسيرة أقصبي على الأندية الأوروبية فقط، بل كان له حضور مميز مع المنتخب المغربي.
وكانت بداية مشاركاته الدولية في سن مبكرة، حيث تلقى دعوة للالتحاق بالمنتخب الوطني في دجنبر 1953، عندما كان لا يتجاوز 19 عامًا، في مباراة ضد السنغال.
وبعد الاستقلال، كان أقصبي أحد الأسماء البارزة في صفوف المنتخب المغربي، حيث شارك في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1962 في شيلي.
ومن أبرز محطاته الدولية، مباراته الشهيرة ضد إسبانيا في تصفيات المونديال، حيث خسر المنتخب المغربي بهدف وحيد، والمباراة الودية ضد ألمانيا الشرقية التي انتهت بخسارة المغرب 3-2، لكنه سجل هدفين في تلك المباراة.
على الرغم من تألقه في الملاعب الأوروبية، كان هناك تحدٍ كبير في مسيرته، حيث واجه صعوبة في التنقل بين الأندية بسبب رفض الأندية الفرنسية تسريحه في العديد من الأحيان.
ورغم ذلك، ظل في الذاكرة الكروية كأحد أفضل اللاعبين الذين مروا على الملاعب الفرنسية.
بعد سنوات من التألق في أوروبا، قرر أقصبي العودة إلى المغرب في 1965، حيث انضم إلى الفتح الرباطي مرة أخرى، ليمضي معه ستة مواسم، تتوج بالفوز بلقب كأس العرش في 1967، في واحدة من أبرز لحظات مشواره الكروي المحلي.
بحلول عام 1970، قرر أقصبي اعتزال كرة القدم بعد مسيرة حافلة، حيث لعب 293 مباراة في الدوري الفرنسي، وسجل خلالها 173 هدفًا، ليحتل المرتبة الخامسة في ترتيب الهدافين التاريخيين للدوري الفرنسي حتى منتصف الستينيات.
وإلى اليوم، لا يزال يحتل المرتبة الثانية عشرة في قائمة الهدافين، متفوقًا على العديد من النجوم، مثل الجزائري رشيد مخلوفي، الذي سجل 143 هدفًا في 341 مباراة.
رحيل حسن أقصبي ليس فقط نهاية لمسيرة رياضية رائعة، بل هو أيضًا فقدان لأسطورة عاشقت كرة القدم، وجعلته جزءًا من تاريخها الباقي.