في خطوة تعكس جدية المشروع المشترك بين إسبانيا والمغرب، قامت الحكومة الإسبانية رسميًا بتأجير أربعة أجهزة متقدمة لقياس الزلازل بتكلفة تجاوزت 480 ألف أورو.
هذا الإجراء يأتي ضمن مشروع بناء النفق البحري الذي سيربط بين القارتين الأوروبية والإفريقية عبر مضيق جبل طارق، وهو مشروع يعيد إلى الواجهة طموح الربط الثابت بين البلدين.
المشروع، الذي اكتسب اهتمامًا متزايدًا في ظل التطورات الأخيرة في العلاقات الثنائية بين إسبانيا والمغرب، يبرز أيضًا كعنصر حيوي في إطار التعاون المتجدد بينهما استعدادًا لتنظيم كأس العالم 2030 بالشراكة مع البرتغال. هذه الشراكة تؤكد أن المشروع ليس مجرد خطة هندسية، بل جزء من رؤية استراتيجية لتعزيز التعاون الإقليمي.
وبحسب تقارير إعلامية إسبانية، تم منح عقد الإيجار لشركة TEKPAM Engineering SL، وهي شركة متخصصة مقرها مدريد تقدم خدمات في مجالات علم الزلازل والطاقة الشمسية.
وبلغت قيمة العقد 486,420 يورو، حسب المصدر ذاته، وهو رقم يقل قليلًا عن الميزانية المقررة.
الصفقة، التي وُقعت رسميًا في 6 نونبر الجاري، جاءت بعد مناقصة طرحتها الجمعية الإسبانية لدراسات الاتصالات الثابتة عبر مضيق جبل طارق (SECEGSA).
وفقًا للمصادر، فإم الأجهزة الزلزالية الأربعة ستُستخدم في حملة أبحاث تحت إشراف المعهد الملكي والمرصد البحري الإسباني في سان فرناندو.
هذه الحملة تهدف إلى دراسة النشاط الزلزالي في قاع المضيق، وهو أمر بالغ الأهمية لضمان استقرار وأمان المشروع العملاق.
مشروع النفق البحري ليس وليد اللحظة، إذ تعود جذوره إلى عام 1980 عندما وقعت إسبانيا والمغرب اتفاقية لإجراء دراسات حول ربط ثابت بين القارتين.
منذ ذلك الحين، أُجريت دراسات متعددة لتحديد التحديات الجيولوجية والزلزالية التي يفرضها الموقع. وتم بالفعل تنفيذ عمليات حفر تحت الماء بالقرب من طنجة وطريفة، فضلًا عن اختبارات تقنية متنوعة.
وأحدث هذه الجهود كان في عام 2014 عندما نُشرت ثلاثة أجهزة قياس زلازل بالتعاون مع البحرية الإسبانية، ما شكل الأساس لتحديد المسار الأفضل للمشروع.
وبعد دراسة عدد من الخيارات، استُقر الرأي على نفق يمتد بين بونتا بالوما (إسبانيا) وطنجة (المغرب) بطول 38.5 كيلومترًا، منها 27.7 كيلومترًا تحت الماء.
ويمثل هذا النفق قفزة نوعية في البنية التحتية الإقليمية، حيث يُتوقع أن يعزز التجارة والسياحة بين أوروبا وإفريقيا، ويوفر رابطًا حيويًا لنقل البضائع والأفراد.
كما يعكس المشروع تطورًا كبيرًا في العلاقات المغربية الإسبانية، ويأتي كجزء من رؤية مشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بين القارتين.