الشامل المغربي

مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن


بعد أن شدد زعيمها بيدرو سانشيز على أهمية الاتحاد لفرملة مدّ اليمين المتطرف وتقوية طروحات الأطياف السياسية الاشتراكية “لتوفير البديل”، انبرى عدد من مندوبي الأحزاب اليسارية الديمقراطية الاجتماعية، المنضوية تحت لواء الأممية الاشتراكية، لتسليط الضوء على ما يتفاعل في العالم من “كمياء التطرف وانعدام الأمن وإجهاض فرص السلام”، مبرزين اتصالها بمشاكل يتحمّل مسؤولية بعضها الكاملة “الخصم الإيديولوجي والسياسي: اليمين” كما هو الحال بالنسبة “لحرب غزة”، وجزءا من مسؤولية البعض الآخر، وضمنه تفاقم الهجرة غير النظامية.

السياسيون اليساريون، الذين هم عينة من 220 مندوبا حضروا أشغال المجلس العالمي للأممية الاشتراكية التي انطلقت اليوم بالرباط، أكدوا خلال مداخلاتهم في جلسة قاربت “مكافحة التطرف، بناء السلام وتعزيز الأمن”، أن منسوب هذه التحديات بات “يستدعي بالفعل تقوية الأممية الاشتراكية لتكون قادرة على مواجهتها، مما يستدعي ابتداء تعزيز روابط التعاون بين مختلف الأحزاب الملتئمة تحت مظلتها”.

وأشار هؤلاء المتحدثون إلى ما طالب به زعميهم الإسباني خلال الجلسة الافتتاحية بخصوص “دعم السلام المستدام في فلسطين، والبناء الديموقراطي في سوريا”، مع “إنهاء نزاعات إفريقيا التي تدفع دول شمالها ضريبتها، عبر تدفقات الهجرة والتطرف”.

“تحديات متشابكة”

أوزغور أوزيل، رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي، ونائب رئيس الأممية الاشتراكية، أدان بدايةً “الهجوم الإرهابي الذي قضّ مضجع ألمانيا أمس، والذي يجب إدانته مثله مثل أي عملية إرهابية لأنه يمثل جريمة بحق الإنسانية”، مشيرا في ربط مبطّن بين الإرهاب وما يعتمل من تحديات عديدة إلى أنه “يأتي في ظل نمو التطرف أكثر فأكثر، وتنامي التعدي على كافة حقوق الإنسان، خصوصا المتعلقة بالنساء والموظفين والمهاجرين”.

واستحضر أوزيل، وهو زعيم المعارضة بالبرلمان التركي، في مداخلته، ما أكده تقرير “برنامج التنمية للأمم المتحدة من أن الذين يقوضون الديموقراطية في مؤسساتهم (السياسية) هم من يحصلون على السلطة في دولهم، في ظاهرة متناقضة تماما مع هذه القيمة الرفيعة”، مبرزا أنه “لتجاوز هذا التناقض يتعيّن دعم الاشتراكية الديمقراطية، التي تنتصر لمبادئ حقوق الإنسان، من قبل جميع دول العالم”.

وتوقف السياسي التركي عند “ما يرافق الهجرة غير المنظمة بالعالم، من تنامي سياسات رموز اليمين المتطرف، التي تلوم المهاجرين على المشاكل الاقتصادية والضغوط السياسية ببلدانهم، وتؤدي إلى الخوف والإقصاء”، مذكّرا بأن “الشرق الأوسط رغم كونه لا يمثل نسبة كبيرة من العالم، فإنه يضم 58 في المائة من المهاجرين واللاجئين في العالم، يتركز عدد كبير منهم في تركيا، مما يفرض تقاسم هذا العبء معها”.

وأبرز أوزيل أن “الشرق الأوسط بات منطقة مزدحمة بالمشاكل، فهناك حرب غزة والانتقال الحاصل في سوريا”، مشددا على “الحاجة لمساهمة الاشتراكية الديمقراطية في الدعوة إلى إيقاف الأزمة في فلسطين، وإبداء التضامن مع شعبها، في أفق إقرار السلام المستدام من خلال حل الدولتين”، مشيرا إلى أنه “من الضروري بالنسبة لسوريا دعم إحداث نظام ديمقراطي يكفل الحقوق لكافة السوريين، ويحترم المعتقدات والأقليات، ويحفظ الأمن بالبلد”.

“التطرف يحتاج التعاون”

هالة بن يوسف، نائبة رئيس حزب التكتل الاشتراكي في تونس، قالت إن “الحديث عن التحديات الأساسية التي يرفعها العالم اليوم، من قبيل مكافحة التطرف وبناء السلم وتعزيز الأمن، يجر إلى تسليط الضوء على منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي هي منطقة تلاقح أزمات شمال إفريقيا”، مشيرة إلى أن “نزاعات ولا استقرار ليبيا والسودان وكثير من الدول الإفريقية تؤثر على تونس وأوروبا بشكل واضح”.

وأوضحت المتحدثة في مداخلتها أن “التأثير يتبدى في تدفقات الهجرة وانتشار التطرف الذي يهدد المجتمعات الشمال إفريقية، وفي تونس تحديدا يستمر في التجذر ويهدد السلم الاجتماعي”، لافتةً إلى أن “سببه الافتقار إلى الرفاه والرخاء الاقتصاديين، اللذين يؤديان بالشباب إلى تعريض حياتهم للخطر”. وأكدت أن “الإدماج الاقتصادي والاجتماعي جزء من استراتيجيتنا لمحاربة هذه الآفة”.

وحثّت رفاقها اليساريين في الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية العالمية على “جعل المدرسة مكانا لتلقين مبادئ الديمقراطية والسلم، ودفع اقتصادات البلدان إلى إعطاء الأمل والفرص للجميع، نساء ورجال، خاصة الشباب، في المناطق المهمشة تحديدا”.

وأوضحت المسؤولة السياسية التونسية أن “تثبيت الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يعتمد على قدرة الهيئات السياسية الاشتراكية على التعاون، وتجاوز الحدود والاختلافات الثقافية من أجل التعامل مع التحديات، موازاةً مع تكريس تعاون دولي معزز”، ملحة على “العمل بعضا مع بعض لتقاسم الممارسات الجيدة الكفيلة بترسيخ السلام والأمن، والتضامن في مواجهة كافة التهديدات المشتركة”.

وأبرزت أن “اجتثاث التطرف من منابعه يستدعي تعاونا دوليا، مع إدماج النساء في مختلف الإجراءات التي تصب في إطاره، فالعدل والمساواة حاجتان مهمتان للاستقرار في السلم الدولي”.

“مسؤولية الأممية”

من جهته قال فيكتور نغريسكو، عضو الحزب الديموقراطي الاجتماعي الروماني ونائب بالبرلمان الأوروبي، إن “العالم بالفعل يكابد تحديات غير مسبوقة، فالسلم ينعدم في أي مكان، والديمقراطية مهددة، والمجموعات المتطرفة متعطشة ومستعدة للقيام بأي شيء لإيذاء الشعوب التي تتبناها خيارا وحيدا”، مشيرا إلى أنه في ظل هذه التحديات لدى الأممية الاشتراكية “مسؤولية مهمة لإيقاف هؤلاء اليمينيين والمتطرفين، وهي تمتلك كل الحجج والآليات للقيام بذلك”.

وأشار نغريسكو في مداخلته إلى أن “رومانيا كانت ضحية للهجوم على انتخاباتها الرئاسية والتدخل الخارجي الذي كاد يهدد ديمقراطية البلاد، خصوصا من قبل روسيا”، مضيفا أن “ذلك أتى موازاةً مع حلمنا بإرساء الديمقراطية الاشتراكية وتولي رئاسة الحكومة”.

وأكد تقديره ورفاقه في الحزب الديمقراطي الاجتماعي “لدعم الأممية الاشتراكية الديمقراطية في رومانيا، التي لم تنجُ من التربصات بالتجربة، وكذا لدعم مواجهة التدخلات الخارجية ومدّ اليمين المتطرف”، لافتا إلى أن “هذه الأممية الاشتراكية سوف تحمي الديمقراطيات في العالم، وتقويّ جهود دعم الأمن والسلام في كل أرجاء المعمور”.



Source link

Exit mobile version