كشفت دراسة حديثة، من إعداد فدرالية رابطة حقوق الإنسان، عن تأثّر نساء الأقاليم المتضررة جراء زلزال الحوز بالعيش داخل الخيام، حيث لم يستطعن، خاصة في الأيام الأولى من “الفاجعة”، “الاستحمام أو رش أجسامهن بالماء”.
الدراسة التي خطّها الأستاذ الباحث بوشعيب مجدول، وتم تقديمها اليوم الخميس تحت عنوان “آثار الزلزال على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء في المناطق المتضررة”، أظهرت أن “عدم قدرة نساء الأقاليم المتضررة من الزلزال على تلبية هذه الحاجيات الثانوية كان لها أثر عميق على الرفاه البدني والنفسي الخاص بهن، إذ بقين في ظل عدم وجود مرافق مناسبة للنظافة الشخصية في هذه الوضعية لفترات طويلة تتراوح بين أيام وأسابيع كاملة”.
وتشير الدراسة الميدانية عينها إلى أن “انهيار المنازل جراء الزلزال أثر أيضا بشكل عميق على حياة النساء اليومية، خاصة علاقتهن بمجال الطهي”، موضحة أن “فقدان المنزل ليس فقط فقدان المأوى، إنه يمثل اختفاء مكان مركزي في حياة المرأة، وهو المطبخ، وهي مساحة تتجاوز إعداد الطعام لتصل إلى ممارسة السلطة النسائية، والحفاظ على التقاليد العائلية”.
كما أن تدمير الزلزال “الخازن”، وهو نظام منتشر لدى الأسر الأمازيغية في أعالي الجبال لتخزين الطعام والمؤونة، أثر أيضا على النساء، على مستوى قدرتهن على إدارة مواردهن المعيشية، وضمان الأمن الغذائي لأسرهن. وهذا النظام تؤكد الدراسة أنه “كان رمزا للتبصر والإدارة الفعالة للموارد والاعتماد على الذات”.
فقدان الأثاث المنزلي دخل أيضا ضمن خانة التأثيرات على الحياة اليومية لنساء مناطق الزلزال، وفق المصدر ذاته، حيث “كانت كل هذه القطع المنزلية عبارة عن ذكريات، وتمنحهن قسطا من الراحة والحميمية، والشعور بالعيش في بيتهن”.
وتقول الدراسة إن وضع الفتيات والنساء اللائي يعشن مع أسرهن، خاصة الآباء والأزواج والأقارب، ظهر أنه “مطمئن نوعا ما”، مستدركة بأن الوضع مغاير بالنسبة إلى “النساء اللواتي يجدن أنفسهن وحيدات بعد فقدان أسرهن جراء الزلزال، ودون دعم أسري، وخصوصا الأرامل والمطلقات والعازبات”.
وذهبت الورقة عينها إلى النبش في ظروف فتيات ونساء مناطق الزلزال ارتباطا بقطاعات التعليم والتكوين والصحة، وذلك عبر مقابلات فردية معهن، ليظهر أن “هنالك تباينا واضحا حسب كل منطقة، حيث تبقى النساء القريبات من المرافق الصحية والتعليمية في وضع مريح نوعا ما، والعكس صحيح”.
ونبّه المصدر عينه إلى “نسب الهدر المدرسي المقلقة من خلال المقابلات، إذ تعيش النساء أمام تهديد واضح في التعليم والتكوين، وممارسة النشاطات الاقتصادية”، مشددا على أن “فتيات المناطق المتضررة من الزلزال يعشن على وقع وضع تراكمي منذ جائحة كوفيد، يؤثر بشكل عميق على ولوجهن إلى المدرسة”.
وبخصوص الرعاية الصحية أكدت الدراسة “وجود تباين كبير بين المناطق المنكوبة، إذ مازال الحصول على الخدمات الصحية تحديا كبيرا، ومازالت النساء يضطررن للتنقل إلى المناطق الحضرية للعلاج”، مضيفة أن “الوضع الأسوأ هو الجانب النفسي، إذ إن التفكير في طريقة الولوج إلى الخدمات الصحية في ظل وضع الخيام يخلق شعورا دائما بعدم الأمان”.
والعيش داخل الخيام بالنسبة لنساء المناطق المتضررة “يشكل تهديدا حقيقيا لصحتهن وصحة جميع السكان البدنية والعقلية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر ضعفا، مثل كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة”، حسب المصدر ذاته.
وعلى صعيد آخر ألقت الدراسة الضوء على صمود نساء المناطق المتضررة جراء الزلزال في ظل هذه الأوضاع، ورغم تفاقم التحديات بالنسبة لهن، إذ “مازلن الدعامة الأساسية لأسرهن، من خلال التوفيق بين المسؤوليات المنزلية وإدارة الموارد المحدودة، وتوفير الدعم العاطفي لأحبائهن، وتميّزهن بمظاهر الصبر، وكمصادر للصمود والدعم النفسي”.
وأجمع المتدخلون خلال ندوة تقديم الدراسة الميدانية التي شملت أقاليم الحوز، وتارودانت، وأكادير إداوتنان، وشيشاوة، وورزازات، على وجود تحديات عديدة تواجه النساء بالمناطق المتضررة، لعل من بينها “عدم توصل عدد مهم منهن بالدعم الحكومي، وذلك دون تقديم معلومات أو أجوبة من طرف السلطات المحلية؛ بالإضافة صعوبات تواجه عددا مهما منهن في تبليغ شكايتهن من العنف، مع استمرار ظاهرة زواج القاصرات بعد الزلزال نتيجة ضعف التمدرس”.