في سياق التصعيد المتكرر لجبهة البوليساريو الانفصالية، أظهرت تسريبات صوتية منسوبة للقيادي في الجبهة، أحمد ولد عبيد، المعروف بـ”البيتشو”، انحرافا خطيرا في خطاب الجبهة وانكشاف نواياها الحقيقية تجاه دول الجوار، لا سيما موريتانيا، حيث جاءت تصريحاته محملة بنبرة عدائية وتحريضية تكشف مدى تهديد الجبهة للسلم الإقليمي، وتعري ضعف الجزائر كحاضنة وداعم أساسي لهذا الكيان الانفصالي.
واعتبر “البيتشو”، في تصريحاته المسربة، أن السلم مع موريتانيا “ملغوم” و”مفسر على أنه انتهازي”، مشددا على عداء نواكشوط للجمهورية الوهمية منذ عام 1975 وحتى اليوم، حيث ذهب إلى أبعد من ذلك وأكد أن موريتانيا تستعد لحمل السلاح ضد البوليساريو، مستندا إلى “وثائق أمريكية” كشفت أن موريتانيا لا ترى في وجود دولة صحراوية سوى مشروع يتبع السيادة المغربية، وهي تصريحات تنم عن عقيدة عدائية تسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة برمتها، في الوقت الذي تحاول فيه الدول تعزيز استقرارها وتنميتها.
وفي كلام خطير، دعى القيادي الإنفصالي لضم الأراضي الموريتانية إلى ما تسميه البوليساريو بـ”الأراضي الصحراوية”، مبررا ذلك بما وصفه بخيانة موريتانيا لهم، في دعوة لا تمثل فقط انتهاكا صارخا لسيادة دولة عضو في الاتحاد الإفريقي، بل تمثل أيضا تهديدا مباشرا لوحدة الأراضي الموريتانية، وهو ما يعكس عقلية “قطاع الطرق” التي تتبناها الجبهة الانفصالية.
ووصف “البيتشو” الجزائر بالحليف المهدد بالتقسيم والتفكيك، معتبرا أنها محاطة بدول ضعيفة في الشرق والجنوب لا يمكنها مواجهة التحديات الإقليمية، وهو نقد يؤكد أن الجزائر، التي تقدم نفسها كمدافع عن تقرير المصير، تعاني داخليا وخارجيا من أزمات هيكلية تجعلها غير قادرة على مواجهة التحولات الإقليمية المتسارعة.
ولم تقتصر تصريحات القيادي الانفصالي على انتقاد موريتانيا والجزائر، بل أشار إلى أن المغرب يتجه نحو إقامة نظام كونفيدرالي في الصحراء، في خطوة تعكس حنكة دبلوماسية واستراتيجية من الرباط في احتواء الملف الصحراوي، فالمغرب، الذي يعتمد على مقاربة تنموية شاملة، بات اليوم نموذجا في التعامل مع النزاعات الإقليمية، مقارنة بالسياسات الفوضوية التي تتبناها البوليساريو وحليفتها الجزائر.
وفي ضوء هذه التطورات، يبدو أن جبهة البوليساريو تسير نحو مزيد من العزلة، خاصة في ظل تزايد وعي الدول الإقليمية والدولية بخطورة مشروعها الانفصالي، أما الجزائر، التي تستثمر مواردها لدعم هذا الكيان، فهي بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم سياساتها الخارجية قبل أن تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع تداعيات دعمها لكيان يهدد السلم الإقليمي ووحدة أراضي الدول المجاورة.
ويميط هذا التسريب اللثام على الوجه الحقيقي لجبهة البوليساريو، ككيان ليس فقط انفصاليا، بل تهديديا يسعى لخلق حالة من الفوضى الإقليمية، وهو ما يستدعي تحركا دوليا عاجلا لدعم استقرار المنطقة، وتأكيد احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، بعيدا عن الخطابات العدائية والمشاريع الانفصالية.