الدار/ تحليل
وجهت الرباط ضربة موجعة لأطراف ليبية اختارت الاصطفاف وراء مشاريع إقليمية وصفت بالكاريكاتورية، تقودها الجزائر، في محاولة بائسة للعب أدوار إقليمية أكبر من حجمها.
الرسالة المغربية جاءت واضحة لا لبس فيها، مؤكدّة أن السيادة الوطنية والمبادئ الدبلوماسية المغربية ليست مجالاً للمساومة أو الاستغلال.
الرسالة الأخيرة التي وجهتها المملكة المغربية، كانت بمثابة تحذير مبطن لحكومة عبد الحميد الدبيبة والقائم بمهام وزير الخارجية الليبي، الطاهر الباعور، المعروف بقربه من حكام الجزائر، بسبب ما اسماه في بيانه تجاوزات دبلوماسية شابت التنسيق الليبي-المغربي.
الرباط لم تتأخر في التعبير عن ردها، خصوصًا في ظل استضافة المغرب للعديد من الجولات الحوارية بين الفرقاء الليبيين، والتي اعتُبرت نجاحًا تاريخيًا للدبلوماسية المغربية في تقريب وجهات النظر.
الموقف المغربي لم يكن مجرد تعبير عن استياء، بل رسالة موجهة لكل من تسوّل له نفسه القفز على أدوار المغرب المحورية في حل الأزمات الإقليمية. المراقبون يرون أن الخطوة المغربية جاءت في وقت حساس، حيث تعمل الجزائر على تصدير أزماتها الداخلية عبر مغامرات دبلوماسية غير محسوبة. ولعل إصرار حكومة الدبيبة وأطرف ليبية على التنسيق مع العالم الاخر دون احترام التزاماتها مع الرباط يؤكد أن بعض اللاعبين الإقليميين يفضلون “الضجيج” بدل الإنجاز الحقيقي.
الدولة المغربية التي تتسم بدقة استراتيجياتها وقوة مواقفها، لن تسمح لأي طرف كان بأن يعبث بثوابتها الوطنية أو يحاول الالتفاف على دورها الإقليمي الرائد.
المغرب أكد مجددًا أنه لا مجال للحياد في القضايا الكبرى، وأنه لن يسمح باستخدام ملف الأزمة الليبية كورقة ضغط إقليمية. فالدبلوماسية المغربية، التي نجحت في إحراز تقدم كبير في تقريب الفرقاء الليبيين، تثبت مجددًا أنها لاعب أساسي ومؤثر في المنطقة، بعيدًا عن الشعارات الفارغة أو المشاريع الوهمية التي تقودها بعض الأطراف.
الرباط وجهت رسالة ضمنية لكل من يهمه الأمر احترام الالتزامات الدبلوماسية المشتركة، والعمل في إطار التنسيق مع المغرب هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار. أما القفز نحو المشاريع الإقليمية الكاريكاتورية فلن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة السياسية. إنها رسالة حازمة تعيد ترتيب الأولويات، وتؤكد أن المغرب كان وسيظل حجر الزاوية في أي مبادرة لحل أزمات المنطقة.