اتهم ائتلاف فلسطين بمعهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا (MIT) المعهد بالتورط المباشر فيما وصفه بـ”إبادة غزة” ودعمه للمشروع الاستيطاني الصهيوني. جاء ذلك في تقرير شامل من 83 صفحة يكشف عن تعاون معهد “ماساتشوستس” للتكنولوجيا مع الجيش الإسرائيلي وشركات الدفاع، معتبرًا أن هذه الشراكات تنتهك القوانين الدولية والمبادئ الأخلاقية وسياسات المعهد الداخلية.
التقرير الصادر تحت عنوان ” العلوم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من أجل الإبادة الجماعية”، أثار جدلاً واسعًا داخل وخارج مجتمع المعهد بسبب تسليطه الضوء على هذه العلاقات الملتبسة مع المجمع الصناعي العسكري.
جبهتان للتواطؤ
يسلط التقرير الضوء على طريقتين رئيسيتين يدعم فيهما المعهد العنف الذي تمارسه الدولة الإسرائيلية. أولا، هناك أبحاث الأسلحة والمراقبة، حيث يتهم التقرير مختبرات المعهد بإجراء أبحاث تهدف إلى تطوير أسلحة وتقنيات مراقبة بتمويل مباشر من وزارة الدفاع الإسرائيلية.
ووفقًا للتقرير، تدفقت ملايين الدولارات إلى المعهد منذ عام 2015 لمشاريع تشمل خوارزميات سرب الطائرات بدون طيار وأنظمة المراقبة تحت الماء وتقنيات تفادي الصواريخ للطائرات. ويزعم التحالف أن بعض هذه العقود تم تجديدها حتى بعد 7 أكتوبر 2023، عندما تصاعدت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بشكل كبير.
ثانيا، يكشف التقرير عن التقرير شراكات مؤسسية من خلال برامج مثل برنامج الارتباط الصناعي (ILP) وبرنامج القادة للعمليات العالمية (LGO) ومختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي (CSAIL) ومبادرة الطاقة. وتُتهم هذه الشراكات بمنح شركات مثل شركة “إلبيت سيستمز” (أكبر مقاول دفاعي في إسرائيل) وشركات متعددة الجنسيات مثل “مايرسك” و”لوكهيد مارتن” و”كاتربيلر” وصولًا مميزًا إلى مواهب وخبرات المعهد. ويصف التحالف هذه الشركات بأنها “مستفيدة من الإبادة الجماعية”.
85 ألف طن من المتفجرات
يدعي التحالف أن أفعال معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تنتهك سياساته الخاصة بشأن العلاقات الخارجية وأخلاقيات البحث ومبادئ عدم التمييز والمعايير البيئية. علاوةً على ذلك، يتهم التقرير المعهد بانتهاك القوانين الفيدرالية الأمريكية والقوانين الدولية، لا سيما تلك التي تحظر التواطؤ في جرائم الحرب والإبادة الجماعية.
يعرف التقرير الإبادة الجماعية بناءً على اتفاقية منع الإبادة الجماعية ونظام روما الأساسي، بوصفها أعمال تهدف إلى “تدمير، كليًا أو جزئيًا، جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية”. ويؤكد التقرير أنه منذ أكتوبر 2023، نفذت القوات الإسرائيلية حملة محسوبة من القتل الجماعي والتجويع وتدمير البنية التحتية في غزة، مما تسبب في خسائر غير مسبوقة بين المدنيين.
يقدم التقرير إحصاءات مروعة، مؤكدا إسقاط أكثر من 85 ألف طن من المتفجرات على غزة بين أكتوبر 2023 ونونبر 2024، متجاوزةً الكمية المستخدمة خلال قصف لندن ودريسدن وهامبورغ في الحرب العالمية الثانية.
وقال التقرير إن ما لا يقل عن 45 ألف فلسطيني قُتلوا، 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة التي تؤكدها مجلة “ذا لانسيت” ومنظمة الصحة العالمية. وتم تدمير 80 بالمائة من المدارس و70 بالمائة من المنازل وجميع الجامعات الاثنتي عشرة ومعظم المستشفيات في غزة، إلى جانب مواقع تراثية كبيرة. وبحلول أبريل 2024، قُدر أن حوالي 186 ألف من سكان غزة لقوا حتفهم نتيجةً للعنف المباشر أو الأزمة الإنسانية الأوسع.
“الجامعات ليست فضاءات محايدة”
يؤكد تقرير التحالف أن المؤسسات الأكاديمية غالبًا ما تكون متواطئة في أنظمة العنف. وجاء في التقرير: “الجامعات ليست فضاءات محايدة. إذ إن أوقافها وأولوياتها البحثية وشراكاتها مع الشركات تجعلها في كثير من الأحيان مشاركًا نشطًا في القمع.” ويصف التقرير معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بموارده الفكرية والمالية الهائلة، بأنه “عقدة رئيسية” في المجمع الصناعي العسكري العالمي.
كما يسلط التقرير الضوء على أمثلة لجامعات قطعت علاقاتها مع أنظمة قمعية، وذكر أن الجامعات الإسبانية والنرويجية والفنلندية أوقفت التعاون مع المؤسسات الإسرائيلية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. وفي ماي 2024، سحبت كلية ترينيتي في دبلن استثماراتها من الشركات الإسرائيلية وأطلقت صندوقًا لدعم الباحثين من غزة. علاوة على ذلك، اتخذت مؤسسات أمريكية مثل مدرسة يونيون اللاهوتية خطوات مماثلة.
في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تنمو المقاومة الداخلية أيضًا. ففي عام 2024، كشفت استفتاءات على مستوى الحرم الجامعي أن 63.7 بالمائة من الطلاب الجامعيين و70.5 بالمائة من طلاب الدراسات العليا يعارضون شراكات المعهد مع الجيش الإسرائيلي. وفي دجنبر 2024، أصدر مجلس طلاب الدراسات العليا قرارًا يدعو إلى إنهاء جميع عقود الأبحاث الممولة من وزارة الدفاع الإسرائيلية.
“رفع تكلفة التواطؤ”
يستلهم التحالف حركته من نضالات تاريخية للطلاب ضد الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وحرب فيتنام وغيرها من المظالم العالمية. ويؤكد التقرير: “من خلال رفع تكلفة التواطؤ، يمكن للطلاب إجبار المؤسسات على التغيير.” ويشير إلى سحب المعهد استثماراته من مختبر درابر خلال حرب فيتنام كدليل على أن الضغط المستمر يمكن أن يؤدي إلى إصلاحات ملموسة.
وطالب التحالف بإنهاء جميع عقود الأبحاث مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، تعليق الشراكات مع الشركات المتواطئة في جرائم الدولة الإسرائيلية، بما في ذلك “إلبيت سيستمز” و”كاتربيلر”وأوصى بوضع إرشادات أخلاقية صارمة لمنع التواطؤ المستقبلي في جرائم الحرب، وكذلك توفير منح دراسية ومبادرات بحثية لدعم الباحثين الفلسطينيين.