Site icon الشامل المغربي

الاستغلال المفرط يتسبب في جفاف مصب واد ملوية

fb2a0c6eb0eb88cecaa6850ad46ab87a20241221205037.jpeg


DR


مدة القراءة: 4′

يمثل مصب واد ملوية أحد المواقع البيئية الحساسة في منطقة الشرق، حيث يربط النهر بالبحر ويوفر موئلًا طبيعيًا للتنوع البيولوجي. لكن توقف تدفق المياه نحو البحر يهدد هذا النظام الهش. ويشير الأكاديميون والنشطاء إلى أن التوسع غير المنضبط في محطات ضخ المياه للري قد أدى إلى هذا الوضع، وسط غياب الإجراءات الرقابية .

وفي هذا السياق، أعرب الدكتور محمد بنعطا، وهو مهندس زراعي ومتخصص في الجغرافيا، ورئيس جمعية “فضاء التضامن والتعاون للجهة الشرقية” (ESCO) ومنسق منصة “إيكولو” لشمال المغرب (ECOLOMAN)، عن قلقه العميق إزاء الوضع الذي طالما حذر منه. وقد أجرى زيارة ميدانية للموقع يومي 13 و15 دجنبر 2024 لتوثيق آثار الظاهرة على الأرض.

خلال زيارته الميدانية، قام بنعطا بتوثيق صور تظهر انفصال ضفاف النهر عن البحر بشكل كامل. تحول المصب إلى كثبان رملية يمكن عبورها سيرًا على الأقدام، بعد أن كان عبوره في الظروف الطبيعية ممكنًا فقط باستخدام القوارب. هذا الانفصال يهدد بتحويل المنطقة إلى مستنقع، مما يفاقم ظاهرة الإثراء الغذائي (Eutrophication).

انخفاض التدفق البيئي إلى الصفر

بحسب محمد بنعطا، “الوضع خطير للغاية”، خاصة وأنه أصبح يتكرر الآن. وأضاف “إنه السيناريو الكارثي الذي حذرنا منه، على أمل أن لا يتحقق. ولكن في النهاية، تحقق ما كنا نخشى منه، رغن أننا سبقنا ونبّهنا إلى الوضع خلال السنوات الأربع الماضية”.

مع تشغيل محطة ضخ أويلد ستوت في عام 2021، حذر الباحثون والنشطاء البيئيون في المنطقة المسؤولين، بدءًا من وزارة الفلاحة، من العواقب المحلية لهذا التغير، خاصة وأن واد ملوية يشتهر بتدفقه المتوسط الذي يتم تنظيمه بالكامل من خلال السدود المحيطة به، حسب المتحدث ذاته.

وفي السابق، كانت استجابة الوزارة المعنية تتمثل في “إعلان عن التزامها بضمان التدفق البيئي”، بهدف ضمان الحد الأدنى من التدفق الطبيعي والحفاظ على النظم البيئية المائية، حيث يلعب المصب دورًا حيويًا في هذا الإطار.

“بعد بناء السدود، تبقى بعض المصادر التي تزود المنطقة بالمياه، مع تدفق الجزء السفلي من واد ملوية الذي كان يُقدر بـ 7 متر مكعب في الثانية. وفي عام 1995، خفضت محطة مولاي علي هذا التدفق إلى 3.1 متر مكعب في الثانية، موزعة بين احتياجات الزراعة ومتطلبات البيئة. ثم في عام 2021، بدأ تشغيل محطة أويلد ستوت، مما أسفر عن تقليص التدفق إلى 1.6 متر مكعب في الثانية. ومع مرور الوقت، أصبحت المياه العذبة أكثر ندرة، بينما تزايدت ملوحة التربة الزراعية في المصب”.

في مواجهة هذه الوضعية، قام محمد بنعطا ومجموعة من الباحثين في المنطقة بإجراء تعداد، وكانت النتيجة مقلقة. قال محمد بنعطا إنه تم تسجيل “أكثر من 100 محطة ضخ خاصة تم إنشاؤها بشكل عشوائي في الجزء السفلي من الوادي خلال السنوات الأربع الماضية، دون الحصول على تصريح من وكالة الحوض المائي للملوية”. وأضاف أن هذا أدى إلى “تجفيف المنطقة الرطبة، واختفاء التدفق البيئي، مما أدى إلى تدمير الرابط الحيوي بين الوادي والبحر”.

“ظاهرة ذات خطورة كبيرة”

بحسب المتخصصين في المناطق الرطبة، تُعد هذه الظاهرة “خطيرة للغاية، حيث تهدد العديد من الأنظمة البيئية الهشة منذ أكثر من عام”. وأوضح محمد بنعطا أنه تم تحذير السلطات المحلية والإدارات المعنية حول وضعية الموقع الذي يُعتبر ذا أهمية بيولوجية وبيئية.

“باستخدام الآلات، قامت الأطراف المعنية بإزالة الرمال من أجل إعادة فتح المصب. لكننا كإيكولوجيين، نبّهنا إلى أن هذه ليست مجرد مشكلة آنية تتطلب تدخلاً بشريًا فقط، بل هي قضية بيئية قد تهدد التوازن الطبيعي للمنطقة”.

محمد بنعطا

في مواجهة هذه الوضعية، يُصر محمد بنعطا على ضرورة احترام الشروط الدنيا لاستدامة النظام البيئي في المنطقة، حيث “يتيح التدفق البيئي الحفاظ على الرابط الحيوي بين البحر والوادي، وهو أمر أساسي للكائنات المائية التي تهاجر بين المياه العذبة والمالحة، تتوالد في واد ملوية وتنمو في البحر الأبيض المتوسط”.

أبشع ما يمكن ملاحظته، حسب الباحث، هو أن حالة واد ملوية لم تعد حالة فريدة. ويذكر محمد بنعطا بشكل خاص “ما حدث في مصبات ومناطق رطبة مهددة أخرى في المغرب، مثل أم الربيع، تانسيفت، والبحيرات في الأطلس المتوسط التي جفت نتيجة للتركيبات العشوائية لمحطات ضخ المياه”.





Source link

Exit mobile version