Site icon الشامل المغربي

الإجتهاد الفقهي و حماية الأسرة المغربية إصلاح ملكي تحت قاعدة ” لا تحليل للحرام و لا تحريم للحلال” – أشطاري 24 | Achtari 24

IMG-20241224-WA0018.jpg


دعا جلالة الملك أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، إلى مواصلة التفكير واعتماد الاجتهاد البناء في موضوع الأسرة، عبر إحداث إطار مناسب ضمن هيكلته، لتعميق البحث في الإشكالات الفقهية التي تطرحها التطورات المحيطة بالأسرة المغربية، وما تتطلبه من أجوبة تجديدية تُساير متطلبات العصر، ولتوضيح المضامين الرئيسة لمراجعة مدونة الأسرة، خلال ترأس جلالته أول أمس الاثنين بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة ، فقد كلف جلالته، خلال الجلسة، السيد رئيس الحكومة والسادة الوزراء، بالتواصل مع الرأي العام، وإحاطته علما بمستجدات هذه المراجعة، والتي ستسهر الحكومة، داخل آجال معقولة، على حُسن بلورتها وصياغتها في مبادرة تشريعية، طبقا للأحكام الدستورية ذات الصلة، وبخصوص المبادرة التشريعية لمراجعة مدونة الأسرة، وما سيليها من مناقشة وتصويت بمجلسي البرلمان، و ذَكر جلالته، حفظه الله، بالمرجعيات والمرتكزات التي ستؤطرها، والمتضمنة في الرسالة الملكية السامية المذكورة، ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
و أكد جلالة الملك، خلال ترأس جلالته أول أمس الاثنين بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة، على ضرورة استحضار إرادة الإصلاح والانفتاح على التطور التي يَنْشُدها جلالته، من خلال إطلاق هذه المبادرة الإصلاحية الواعدة، بعد مرور عشرين سنة على تطبيق مدونة الأسرة، وضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، والنظر إلى مضامين المراجعة في تكامليتها، وأنها لا تنتصر لفئة دون أخرى، بل تهُم الأسرة المغربية، التي تشكل “الخلية الأساسية للمجتمع”، وهو ما يتطلب الحرص على بلورة كل ما تقدم، في قواعد قانونية واضحة ومفهومة، لتجاوز تضارب القراءات القضائية، وحالات تنازع تأويلها.
و لفت جلالته، نصره الله، الانتباه إلى ضرورة العناية بكل المداخل الأخرى المدعمة والمعززة لمراجعة مدونة الأسرة، سواء عبر تدعيم تجربة قضاء الأسرة، ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة، في ضوء الأحكام الدستورية الجديدة، وإعداد برامج توعوية تُمكن المواطنات والمواطنين من الولوج إلى القانون، ومن استيعاب أكبر لحقوقهم وواجباتهم.
وترأس جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أول أمس الاثنين بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة، وتأتي هذه الجلسة في أعقاب رفع الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بعد انتهاء مهامها داخل الأجل المحدد لها، إلى جلالة الملك، تقريرا يتضمن أكثر من مائة مقترح تعديل، وبعد تفضل جلالة الملك أمير المؤمنين، بإحالة تلك المرتبطة منها بنصوص دينية على نظر المجلس العلمي الأعلى، الذي أصدر بشأنها رأيا شرعيا، وأيضا بعد قيام جلالته، أعزه الله، بالتحكيمات الضرورية بالنسبة للقضايا التي اقترحت فيها الهيئة أكثر من رأي، أو تلك التي تطلب الأمر مُراجعتها في ضوء الرأي الشرعي، والتي رَجح فيها جلالته الخيارات التي تنسجم مع المرجعيات والغايات المحددة في مضمون الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى السيد رئيس الحكومة، وكذا تلك الواقعة في دائرة الضوابط المحددة لعمل الهيئة، وفي مقدمتها ضابط “عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام”.
وقَدم السيد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بصفته عضوا بالهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بين يدي جلالة الملك، عرضا حول طريقة ومنهج عمل الهيئة، لا سيما ما تعلق منها بجلسات الإنصات والاستماع التي نظمتها، وأهم المقترحات التي انبثقت عنها، والتي ضمنتها في تقريرها المذكور، بالإضافة إلى الغايات المرجوة منها.
و عَرَضَ السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، بصفته عضوا بالمجلس العلمي الأعلى، خُلاصات الرأي الشرعي للمجلس، التي قدمت التقعيد الشرعي الضروري لبعض مقترحات الهيئة، وفتحت “باب المصلحة” لإيجاد حلول مطابقة للشرع، بالنسبة لمقترحات أخرى. وهو ما شكل مناسبة لإبراز قُدرة الاجتهاد البناء على استنباط الأحكام الشرعية، ووسطية واعتدال المدرسة الفقهية المغربية، المستمدة أُسسها من الثوابت الدينية للمملكة، حيث حضر جلسة العمل هاته رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش، ووزير العدل السيد عبد اللطيف وهبي، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق، ووزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة السيدة نعيمة ابن يحيى
و أعلن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن المجلس العلمي الأعلى وافق على أغلب النقاط المتعلقة بمراجعة مدونة الأسرة، بعد دراسة دقيقة لمجموعة من المقترحات.
و أبرز القضايا التي شملتها المراجعة تضمنت المراجعة 17 مسألة تتعلق بتنظيم الأسرة والحقوق المرتبطة بها. ورغم ذلك، أشار التوفيق إلى وجود 3 قضايا أساسية ذات نصوص شرعية واضحة لا يمكن الاجتهاد فيها، وهي:
1. النسب باستخدام الخبرة الجينية.
2. إلغاء قاعدة التعصيب.
3. التوارث بين المسلم وغير المسلم.
القضايا التي تم اعتماد مقترحات جديدة بشأنها
وافق المجلس على تعديلات جوهرية تعكس تطور المجتمع المغربي واحتياجات الأسر، ومنها:
تيسير زواج المغاربة المقيمين بالخارج: السماح لهم بعقد الزواج دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك.
حقوق الأم الحاضنة: تخويلها النيابة القانونية عن أطفالها.
اعتراف بعمل الزوجة المنزلي: اعتبار مساهمتها في العمل المنزلي كجزء من تنمية الأموال المشتركة.
النفقة على الزوجة: إلزام الزوج بالنفقة بمجرد العقد عليها.
استثناء بيت الزوجية من التركة: لضمان استقرار الأسرة بعد وفاة أحد الزوجين.
الأولوية لديون الزوجين: تقديمها على باقي الديون الناتجة عن وحدة الذمة.
حضانة المطلقة: استمرار حقها في الحضانة رغم زواجها من جديد.
و تهدف هذه التعديلات إلى تعزيز العدالة والمساواة داخل الأسرة المغربية، مع الحفاظ على القيم الدينية والثوابت الشرعية. كما تمثل خطوة نحو تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات للأطراف المختلفة في إطار الحياة الأسرية، حيث تعكس هذه المراجعات استجابة لاحتياجات المجتمع المغربي المتغير، مع احترام النصوص الشرعية الثابتة. ومن المتوقع أن تسهم هذه التعديلات في تحسين أوضاع الأسر، وتعزيز دور المرأة وحماية حقوق الأطفال.
وعرض وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال لقاء تواصلي مع وسائل الإعلام الثلاثاء، أبرز مضامين التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة، وقال وهبي إن التعديلات الجديدة تهدف إلى إصلاحات قانونية تشمل حماية حقوق المرأة والطفل، مع التأكيد على القواعد الجديدة المتعلقة بالزواج، وأضاف وزير العدل إن “القاعدة القانونية هي وجوب الزواج في سن 18 عامًا، وأن أي استثناء لزواج القاصر يكون في حالات نادرة جدًا، بحيث لا يجوز زواج القاصر الذي يقل عمره عن 17 عامًا.” وأوضح وهبي أن هذا التعديل يأتي في سياق تعزيز حقوق النساء والفتيات، مشيرًا إلى أن حماية القاصرات تمثل أولوية في إطار الإصلاحات القانونية الحالية.
و أشار وزير العدل إلى أن المجلس العلمي الأعلى وافق شرعيًا على مجموعة من التعديلات التي اقترحتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، وذلك بعد جلسة عمل ترأسها الملك محمد السادس. من بين التعديلات الهامة التي تم إدخالها، إيقاف دخول بيت الزوجية ضمن التركة، وهو ما يعني أن المنزل الذي كانت تقيم فيه الأسرة لن يُدرج ضمن أموال التركة في حالة الطلاق، إضافة إلى ذلك، تم التأكيد على بقاء حضانة الأطفال في يد الأم المطلقة حتى وإن تزوجت مجددًا، مما يعكس تطورًا كبيرًا في حماية حقوق الأمهات وأطفالهن في حال الانفصال. كما تم إدخال تعديل يسمح للمغاربة المقيمين بالخارج بعقد الزواج دون ضرورة حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك، وهو تعديل يعكس التوجه نحو تسهيل إجراءات الزواج للمغاربة المقيمين في الخارج.
من بين التعديلات الأخرى التي تم إدخالها، تم منح الأم الحاضنة الحق في النيابة “القانونية” عن أطفالها، مما يعزز دورها في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياة أطفالها. كما تم الاعتراف بمساهمة الزوجة في تنمية الأموال المكتسبة أثناء الزواج، بما في ذلك العمل المنزلي الذي كان سابقًا يُعتبر غير ذا قيمة في العديد من الحالات.
وفيما يتعلق بالقضايا المالية، أكد الوزير أن النفقة على الزوجة تكون واجبة بمجرد عقد الزواج، كما تم اعتماد مبدأ وحدة الذمة المالية بين الزوجين، مما يعني أن ديون الزوجين الناشئة عن هذه الوحدة تُعتبر مشتركة وتُسدد بشكل متبادل. وقد تمت الموافقة على جعل هذه الديون مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك بين الزوجين في المسؤوليات المالية.
على الرغم من هذه التعديلات الجذرية، أشار وزير العدل إلى أن المجلس العلمي الأعلى رفض بعض المقترحات، مثل استخدام الخبرة الجينية لتحديد النسب، فضلاً عن رفض إلغاء العمل بقاعدة التعصيب في الميراث. كما رفض المجلس التوارث بين المسلم وغير المسلم، مما يعني أن الميراث سيظل محصورًا بين المسلمين فقط، وهو قرار يعكس تمسكًا بالثوابت الشرعية في هذا المجال.
في إطار تواصل الحكومة مع الرأي العام، تم تنظيم اللقاء التواصلي بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، حيث تم عرض مضامين التعديلات والإجابة على تساؤلات الصحافيين. وصرح وزير العدل أن هذه المراجعات تأتي في إطار التزام الحكومة بتحقيق توازن بين الحفاظ على القيم الدينية والاجتماعية، وبين تعزيز حقوق الأفراد في إطار دستور 2011 الذي يعزز المساواة بين الرجل والمرأة، و تُعد هذه المراجعات خطوة هامة نحو تعزيز حقوق النساء والأطفال في المغرب، وسط اهتمام واسع من مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية، مما يعكس تطورًا حقيقيًا في مجال حقوق الأسرة.



Source link

Exit mobile version