الشامل المغربي

“أطباء الغد” ينتفضون ضد “التجاهل” وينشدون تدخل الملك محمد السادس


في شكل احتجاجي “غير مسبوق”، قام العشرات من “أطباء الغد” بكلية الطب والصيدلة بالرباط بخلع وزراتهم البيضاء المُلطخة باللون الأحمر وتجميعها في كومة كبيرة أمام إدارة الكلية، تنديدا بما يقولون إنه “انتقاص من هيبة هذه الوزرة، التي تُعدّ رمز تحمّل مسؤولية صحة المواطنين”، بعد التدخلات الأمنية في حق الطلبة، معتبرين أن “مسؤولية هذا الانتقاص تجد جذورها في المقاربة الأحادية للوزارة الوصية وإصرارها على فرض قرار تقليص سنوات التكوين”.

الطلبة الذين جددوا، على هامش هذا الشكل الاحتجاجي، رفع شعارات قوية من قبيل: “لا لا وألف لا.. للإصلاح المهزلة”، و”لاش جينا واحتجينا… وسبع سنين اللي بغينا”، و”غاتشعل غا تشعل.. نضالات الطلبة غا تشعل”، أكدوا لهسبريس أن هذا الاحتجاج هو “تعبير ميداني عن رفضهم الإجراءات التي أعلنتها الوزارة الوصية مؤخرا لتسهيل إجرائهم للامتحانات، تزامنا مع توجههم، على غرار زملائهم بمختلف كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، نحو مقاطعة امتحانات دورة 4 أكتوبر، بنسب تفوق 90 في المائة، وفق استطلاعات الرأي التي جرت في اليومين الماضيين”، رافعين مناشداتهم إلى الملك محمد السادس بالتدخل لتسوية ملفهم المطلبي.

“هيبة الوزرة”

أيمن ملوكي، عضو مكتب طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان بالرباط، قال إن “الطلبة ينفذون هذا الشكل الاحتجاجي غير المسبوق ردا على القمع والتعنيف الذي تعرضوا له الأسبوع الفارط، وتعبيرا منهم كأطباء الغد عن أنهم لن يتحملوا لوحدهم عبء النضال من أجل ارتداء هذه الوزرة مستقبلا عن جدارة واستحقاق”، مردفا أن “الحفاظ على هيبة هذه الوزرة هي مسؤولية الوزارة الوصية والحكومة وكل من يتوجب عليهم التدخل في أسرع وقت لحل هذه الأزمة”.

وأكد ملوكي، على هامش الشكل الاحتجاجي ذاته، أن “تكثيف الأشكال الاحتجاجية وتنويعها هو رد على استمرار نهج الوزارة مقاربة أحادية في هذا الملف، من خلال برمجة امتحانات جديدة في كل مرة دون التجاوب مع المطالب الملحة؛ وعلى رأسها إنصاف طلبة الدفعات الخمس الأولى الحالية بتمكينهم من 7 سنوات تكوين حالية، عوض التراجع عما تعاقدوا عليه مع الكليات من خلال حرمانهم من سنة كاملة من التداريب التي تعد حاسمة في تجويد تكوينهم بما يضمن تقديمهم خدمات طبية جيدة لفائدة المواطنين وتحمل عبء هذه الوزرة”، مردفا أن “قيمة الأخيرة تضررت كثيرا جراء المتابعات والتوقيفات التي ترفض عمادات الكليات عقد مجالس تأديبية جديدة لإلغائها”.

وأورد المتحدث ذاته أن “رفض الإجراءات الأخيرة المعلنة من قبل الوزارة، الذي تكرس اليوم بالميدان من خلال هذا الشكل، يظهر أيضا في نتائج استطلاعات الرأي التي نظمتها جميع مكاتب الكليات خلال اليومين الماضيين على مستوى مجموعات الـ”واتساب” الخاصة بالطلبة، والتي أكدت أن أكثر من 90 في المائة من الطلبة يتجهون نحو مقاطعة امتحانات الفصل الثاني المقررة غدا 4 أكتوبر، فيما وصلت هذه النسبة إلى 99.8 في المائة بالنسبة لمستوى السنة الخامسة بكلية الرباط”، مؤكدا أن “الاستمرار في المقاطعة، الذي يضطر إليه الطلبة، يُفاقم هدر زمنهم التكويني، وتضيع معه حظوظ المواطن المغربي في أطباء الغد الأكفاء”.

وتابع عضو مكتب طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان بالرباط: “تصعيدنا ليس سياسيا، ولا رغبة في عدم المساس بمصالح شخصية؛ من قبيل القدرة على الهجرة مستقبلا كما يُروج، وإنما هو يأتي نتيجة التجاهل لمطالبنا التي تراعي مصلحة الوطن أولا وأخيرا”، مناشدا “جلالة الملك محمدا السادس للتدخل لحلحلة هذا الملف في أقرب وقت”.

“نزيف داخلي”

من جهتها، أكدت سلمى الشرڭي، عضو مكتب طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان بالرباط، أن “الطلبة جاؤوا لخلع وزراتهم التي أصبحت ملطخة ليس بدماء المرضى وإنما بدمائهم أنفسهم جراء النزيف الداخلي الذي يعيشونه بسبب استمرار هذه الأزمة، وما عاشوه من لحظات صادمة خلال فض اعتصامهم أمام كليتهم ووقفتهم الاحتجاجية أمام المستشفى الجامعي خلال الأسبوع الماضي”، مبرزة أن “ما حدث مؤخرا من تعنيف وقمع أثّر كثيرا في نفوس الطلبة وجعلهم يتساءلون عن جدوى ارتداء هذه الوزرة”.

وأضافت الشرڭي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه التطورات الأخيرة وكذا إغلاق الكليات في وجه الطلبة المضربين وعدم الإنصات إلى مطالبهم البسيطة طوال عشرة أشهر من هذه الأزمة، أو طرح المسؤولين لحلول قادرة على إرضاء جميع الأطراف وإغلاق هذا الملف، كل ذلك هو ما يجعلهم يفكرون في الهجرة، أو على الأقل الانتقال نحو الكليات الخصوصية”، مؤكدة ثقتها “في قدرة المسؤولين العقلاء بهذا البلد على إيجاد حل يطوي هذا الملف”.

بدوره، أكد بدر الدويبي، عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وعضو مكتب طلبة كلية الطب والصيدلة وطب الأسنان بالرباط، أن “هذه الحالة الجديدة من الاحتجاج هي تعبير عن سخط الطلبة على ما وصل إليه الملف من مآسٍ تمثلت في تعنيفهم ليلتي 25 و26 شتنبر الماضي، بما أدى إلى تدنيس هيبة هذه الوزرة”، مؤكدا أن “المسؤولية ليست على عاتق قوات الأمن؛ لأنها تقوم بدورها المؤطر قانونا في نهاية المطاف، بل على المسؤولين الذين دفعوهم إلى النزول إلى الشارع، والكليات التي أصبحت تُغلق في وجوههم”.

وأضاف الدويبي أن “طلبة الطب حصدوا مؤخرا تضامن جميع المغاربة؛ على رأسهم أساتذتهم والأطباء الداخليون والمقيمون وزملاؤهم الطلبة بمختلف المؤسسات الجامعية، ولا يمكن لكل هؤلاء أن يكونوا مخطئين أو غير مدركين لمعقولية مطلبهم”، مؤكدا بدوره أن “الطلبة ينشدون التكوين الجيد لكي يرتدوا هذه الوزرة التي هي رمز تحمل المسؤولية عن صحة المواطنين عن جدارة واستحقاق”، مناشدا بدوره العقول الرشيدة في المملكة للتدخل لحل هذه الأزمة التي طال أمدها.



Source link

Exit mobile version