تكشف أحدث المعطيات المتعلقة بمساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي بالمغرب عن التحديات الكبيرة التي تنتظر الحكومة، بل الحكومات المغربية المقبلة، لتنزيل برنامج “التمكين الاقتصادي للنساء”. آخرها ما كشف عنه مرصد المقاولات الصغرى والمتوسطة من أرقام تظهر ضعف ولوج المقاولات النسائية للتمويل البنكي.
وأظهرت معطيات المرصد الوطني للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة (OMTPME) أنه من بين 123 ألفا و54 مقاولة نشطة حصلت على قرض بنكي في سنة 2023، لا تدير النساء سوى 18 ألفا و22 منها، أي نسبة 14.6%، على الرغم من الزيادة الطفيفة بالمقارنة بسنة 2022 من 14.2%.
كما لم تستفد المقاولات التي تديرها نساء في المغرب سوى من مبلغ ائتمان قدره 50.6 مليار درهم، الذي يمثل 11.3 في المئة من إجمالي مبلغ القروض الجارية، في وقت بلغت قروض المقاولات المرؤوسة من طرف رجال 396,5 مليار درهم.
ولا تقتصر هذه الهوة على النوع الاجتماعي، بل تتعداه لتشمل الجهات كذلك، إذ تابع المصدر ذاته بأن التوزيع الجهوي للقروض المخصصة للمقاولات النشطة، اعتمادا على النوع الاجتماعي للمدير، أظهر أن 43,3% من المقاولات التي تقودها نساء وحصلت على قروض في سنة 2023 تنشط بجهة الدار البيضاء-سطات، وأنها استفادت من 74,4% من إجمالي القروض.
ومن وجهة نظر جهوية دائماً، فإن جهة الرباط سلا القنيطرة تحتضن القدر الأكبر من المقاولات النشطة التي تقودها نساء، بنسبة 17% من إجمالي “المقاولات النسائية” بالمغرب، لكن نصيبها من القروض لا يكاد يعادل 6.8%، بينما يصل المعدل في جهات أخرى مثل مراكش آسفي وفاس مكناس على التوالي إلى 13.2% و14%.
ويوضح توزيع القروض المخصصة للمقاولات النشطة، اعتمادًا على النوع الاجتماعي للمدير وعلى قطاع النشاط، أن 30.2 في المئة من المقاولات التي تديرها نساء تنشط في القطاع التجاري، وتستفيد من 21 في المئة من إجمالي القروض المخصصة لشركات القطاع.
كما يوضح هذا التوزيع أن قطاع “الأنشطة الخدماتية” يحتضن الحصة الأكبر من المقاولات التي تديرها نساء بنسبة 43.8 في المئة من إجمالي المقاولات النشطة في القطاع، بيد أنها لا تستفيد سوى من حصة 28% من إجمالي القروض. في حين يستفيد قطاع “الصحة الإنسانية والعمل الاجتماعي”، الذي يمثلن فيه 37.9 في المئة من إجمالي المقاولات النشطة، من حصة من الائتمان الجاري قدرها 28.6%.
جدير بالذكر أن حكومة سعد الدين العثماني كانت قد أعطت في سنة 2020 انطلاقة “البرنامج الوطني المندمج للتمكين الاقتصادي للنساء في أفق 2030”.
ويروم البرنامج الذي قدمته جميلة المصلي، وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأُسْرَة آنذاك، تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية بحلول عام 2030. إذ يتعلق الهدف الأول بتحقيق 30% من معدل الشغل في صفوف النساء، والثاني بمضاعفة نسبة خريجات التكوين المهني لتصل إلى 8%، والثالث بتعزيز بيئة ملائمة ومستدامة للتمكين الاقتصادي للنساء.